للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكان المماليك يهتمون بجمع التحف والألطاف وتزيين قصورهم بها. وقد روى المقريزي في الجزء الثالث أن الأمير تنكز الأشرفي عين من قبل قلاوون أميراً على الشام، وظل كذلك إلى أن تنكر له السلطان وجهز له من قبض عليه، وصادر أمواله وكان من جملتها الجوهر واللؤلؤ والزركش والنفائس. فإذا كانت هذه حال أمير من أمرائهم؛ فما بالك بالسلاطين أنفسهم، وقد كان المال في أيديهم كثيراً؟

ومن سوء الحظ أن كثيراً من هذه التحف قد ضاع، ولا يبلغ ما جمع منها في متاحف العالم إلا قدراً ضئيلاً. وقد تكون أيدي الجهال عبثت بها فأحالتها إلى غير حالتها، فأسالت ذهبها وفضتها وهشمت زجاجها وبلورها.

ومن عجائب الأقدار أن مصائر ما بقي من التحف أو سلم منها كمصائر بني البشر أنفسهم. قد فرقتها الأقدار وبعدتها الأدهار وأنزلتها في غير أوطانها، وأحلتها في غير بلدانها. ففي لندن منها قطع، وفي باريس أشتات. وفي مدريد وروما وبرلين والقسطنطينية وغيرها.

لقد نشطت الأمم العربية وانتبهت إلى الاحتفاظ بآثارها وجمعها في دور عامة. فأنشأت دار الآثار العربية في مصر سنة ١٨٨١، وإن كان أمر إنشائها صدر في عهد إسماعيل سنة ١٨٦٩، وأنشئ المتحف الأهلي في الجزائر سنة ١٨٩٧، وأنشئ المتحف العلوي في تونس، ودار الآثار العربية في العراق في تاريخين غير متحققين عندي.

ولعل البلاد العربية جميعاً تضاعف الهمة حتى تحتفظ بالكثير من تراثها المفقود.

محمد عبد الغني حسن

<<  <  ج:
ص:  >  >>