للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ما بين الاثنين أن الأولى كان يملكها ملك أو أمير والثانية ملك عام للأمة، فهي من منافعها العامة التي تتولى الإشراف عليها وتقوم على توسيعها وتزويدها لتكون ميراثاً وطنياً خالصاً لا يختص به حاكم ولا سلطان.

كان عند الفاطميين خزانة للأسلحة تعادل الآن المتاحف الحربية العامة التي عنيت الأمم حديثاً بإنشائها. ونستطيع أن نقول إن فكرة التخصيص في المتاحف كانت عند الفاطميين. ولعلهم أول من استعملها فيما نعرف من التاريخ. فكان عندهم للجواهر دار، وللأسلحة دار، وللفرش دار، وللطرائف دار، وللسروج دار، وللخيم دار، وللشراب دار. وكان بعض هذه الخزائن أشبه بمصانع لإنتاج ما يحتاج إليه الأمراء والجند والحاشية، كما يفعل (سلاح الصيانة) الآن في الجيوش الحديثة، ويدل على ذلك ما رواه المقريزي في الجزء الثاني من خططه. فقد ذكر أن خزائن السلاح كان من محتوياتها ذو الفقار سيف علي وصمصامة عمرو بن معد يكرب، وسيف كافور الأخشيدي، وسيف المعز ودرعه، وسيف الحسين بن علي عليه السلام، ودرقة حمزة، وسيف جعفر الصادق.

أما دار الطرائف فقد جمعت النفيس الرائع في العصر الفاطمي من البسط والستور والتعاليق وآنية البللور. التي كانت تصنع باسم الخلفاء ورسمهم. فقد روى المقريزي عمن يثق بقوله أنه رأى بطرابلس قطعتين من البللور الساذج الغاية في النقاء وحسن الصنعة إحداهما خردادي، والأخرى باطية مكتوب على جانب كل واحدة منها اسم العزيز بالله (تسع الباطية سبعة أرطال مصرية) ويسع الخردادي تسعة)، وأنه عرضهما على جلالة الملك ابن عمار فدفع فيهما ٨٠٠ دينار. فامتنع من بيعهما، وكان اشتراهما من مصر من جملة ما أخرج من الخزائن. ووجد أكثر من مائة كأس بادزهر ونصب وأشباهها على أكثرها اسم هارون الرشيد وغيره، كما وجد للسيدة رشيدة ابنة المعز لدين الله حين ماتت ما قيمته الآف الآلاف من الدنانير. ومن جملة ذلك بيت هارون الرشيد الخز الأسود الذي مات فيه بطوس، كما وجد للسيدة عبدة بنت المعز الأخرى ما لا يحصى من النفائس، ومن ذلك حصير من الذهب وزنها ١٨ رطلاً ذكر أنها الحصير التي جليت عليها بوران بنت الحسن بن سهيل على المأمون - إلى غير ذلك مما أفاض المقريزي في وصفه وسرده.

وقد يكون في ذلك كثير من المبالغة، إلا أنها على كل حال لا تعدم من الحق سبيلاً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>