للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فليس يدري لكم شأن ولا شرف ... ولا وجود ولا اسم ولا لقب

فيا لقومي؛ وما قومي سواء عرب ... ولن يضيَّع فيهم ذلك النسب

والقصيدتان في ديوان العقد لإبراهيم اليازجي ص ٥٦، ٥٩

وكانت في أخلاق الطويراني شدة وحدة في المزاج؛ ولعله رحمه الله كان قليل البقاء على حال واحدة؛ فكنت تراه اليوم في جريدة وتراه غداً في غيرها؛ لا تقلباً منه في مبدئه، ولكن تعصباً منه في رأيه أو ترفعاً منه في الزلفى لحاكم أو الخضوع لذي جاه؛ ذلك هو السر في تعطيل بعض الصحف التي أصدرها

ولا يزال سجل الصحافة المصرية - إن كان لها سجل! - يذكر لصاحبنا جريدة (النيل) ومجلات (الشمس) و (الزراعة) و (المعارف) والأولى أنشئت في القاهرة في أواخر سنة ١٨٩١ أي بعد عودته إلى مصر من القسطنطينية بعام واحد؛ أما الشمس والزراعة فقد أنشأهما سنة ١٨٩٤ والثانية أسبق من الأولى ببضعة أشهر في الظهور

كان لصاحبنا علاقات طيبة مع أفضل الرجال في زمانه كما كان له صلات ود مع أعظم الأدباء في عصره، ولم يكن في قلمه تلك الصرامة والسلاطة التي امتاز بها رجل كأحمد فارس الشدياق صاحب مجلة الجوائب. إلا أن العلاقة بين الرجلين الكبيرين كانت أمتن ما تكون الصلة، وأحكم ما تكون ارتباطاً. فقد رثى الطويراني أحمد فارس الشدياق حين وفاته سنة ١٨٨٧م بقصيدة بائية من البحر البسيط وأرخ في الشطر الأخير منها وفاته سنة ١٣٠٥ من التاريخ الهجري. كما نعاه في مجلة (الإنسان) التي كان يصدرها في القسطنطينية يومئذ في عبارات من السجع الذي كان طابع الكتابة العربية في ذلك الحين. إلا أنه في بعض مواضع من النعي عاد إلى الكلام المرسل (غير المسجوع) كقوله فيه (حكيم السكوت وقور الكلام متواضع الجانب عميق الفكر قوي الحجة كبير الهمة. . . إذا رأيته رأيت علماً متجسما، ومكارم أخلاق قد حلت فاستحالت إنساناً كاملاً)

ولما مات حسن حسني الطويراني باشا رثاه الشعراء، ولم يرثه أمير البيان شكيب أرسلان مع أنه رثى فارس الشدياق قبله ورثاه الشاعر الرقيق ولي الدين بك يكن بقصيدة تبلغ سبعة عشر بيتاً قال فيها:

يا قبر عندي طية عرضت ... لمن استضفت فزحزح السترا

<<  <  ج:
ص:  >  >>