عَهِدَ البينُ إلى عيني البكا ... ثم أوصاها بأن لا تهجعي
وسقى قلبيَ من خمرته
فهو لا يعقل من سكرته
فمتى يُنقَذُ من غمرته
في سبيل الحب قلب هلكا ... شيَّع الركبَ ولما يرجع
هزّ عِطف الغصن من قامتهِ
مُطلعاً للشمس من طلعته
ثم نادى البدر في ليلتهِ
أيها البدرُ تغيّبْ ويحكا ... ما احتياج الناس للبدر معي
ثم مضى الشاعر فقال في ممدوحه ما شاء، ولكن الفن غلب عليه، فختم الموشحة بهذه الأقباس:
فاقتدحْ بالمزْج نار القَدَحِ
نصطلي إنْ نحن لم نصطبح
وأغنَّيك ولم تقترحِ
أيها الساقي إليك المشتكى ... قد دعوناك وإن لم تسمعِ
أفانين طريفة
قد عارض أيدمر بعد ذلك موشحة ثانية، ولا يتسع المجال للكلام عن الموشحات الأندلسية وتأثيرها في الآداب المصرية، ومن السهل أن يرجع المتسابقون إلى كتاب (بلاغة العرب في الأندلس) لأستاذنا الدكتور أحمد بك ضيف، فقد وفى هذا الموضوع حقه من البيان
والفنن الذي أقصد إليه هو موشحه الذي وصف به الخمر والرياض:
دع الصبا يمرّ في التصابي ... قبل تحلي سكرة الشباب
وانتهز اللذات فالعيش فُرَصْ ... رُبَّ سرورٍ كامنٌ فيه نَغَصْ
قم يا غلامُ هاتها وهاكا ... واعص هوى العاذل في هواكا
أما ترى ظل السرور سابغا ... ومشرب العيش هنيئاً سائغاً