وجمال الفن. . .) فما جمعه ووضعه الجهشياري وابن دلان وابن العطار من الأقاصيص في الحب الطروب والترف المسرف، وما وضعه من قبل هؤلاء سهل بن هرون وعلي بن داود وأبان بن عبد الحميد من الأسمار. . . وما صنعه من قبل هؤلاء عيسى بن دأب وهشام الكلبي والهيثم ابن عدي من الأخبار في الهوى العذري والسخاء العربي في الإسلام والجاهلية)
وهكذا نرى أن هذا اللون من ألوان الأدب الرسمي، أو أدب العربية الفصحى قد ساير نهضة الفنون الكبرى في العراق، كما سايرها في مصر إلى أيام الفاطميين. وإن كنا نعترف أنها مسايرة ليست من نوع ما حدث في اليونان أو الرومان أو أوربا، وموضع الأسف هنا هو انقطاع القصصيين: العربي الفصيح في العراق، والشعبي الراقي في مصر، بعد غزوة التتار والحروب الصليبية، ونشوء صنف من القصص الوضيع في مصر في عصر المماليك هو اضعف ما نجد من القصص التي تغازل الشهوات في كتاب ألف ليلة وليلة
أما رأي الأستاذ الحكيم في الشعر شكلاً وموضوعاً، فهو رأينا الذي جاهرنا به، والذي لا نزال نجاهر به وندعو شعراءنا إليه. . . (فما من فن عظيم بغير شعر، أي بغير تلك المادة السحرية التي تجعل الناس يدركون بالأثر الفني ما لا يدركون بحواسهم وملكاتهم. . .)
وأما التمثيل والروايات التمثيلية، وانعدام ذلك كله في الأدب العربي، فماذا أقول فيه؟! وعلى كل فما بح صوتي بعد، ولن أتعب أبداً من مناشدة الأستاذ الحكيم أن يؤلف للمسرح المصري، لأنه كاتب الحوار الأول في مصر، بل في الشرق العربي كله
وبعد. . . فها هو توفيق الحكيم يفرغ لما خلقه الله له. فماذا هو صانع؟ وهاهو ذا يكتب في زهرة العمر آراء، فهل دري أنها تصلح أن تكون برنامجاً مفصلاً لحركة إنهاض واسعة النطاق؟
متى يضيء المصباح في شاطئنا ويشع كما يضيء في الشاطئ الآخر ويشع؟
متى يكون لنا أدب مصري وفن مصري ومسرح مصري وشعر مصري وشخصية مصرية؟
متى يعود توفيق الحكيم من فرنسا إلى مصر فلا يقول إني عدت إلى الصحراء؟!