للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وطريقتي النظر والتعبير، إجابتا المازني والعقاد على سؤال في مجلة، كان عنوانه: (هل أخلاقنا في تقدم)؟

فأما العقاد فقد سارع بوضع القاعدة ونصب الميزان، وهو يقول:

(نعم الأخلاق المصرية في تقدم، أو أن الرجاء في تقدمها أقرب من اليأس، وربما منعنا أن نرى دلائل التقدم أن الرجة عنيفة، وأن الغبار كثير حول الأقدام وفوق الرءوس. فإذا انجلى غداً عرفنا ما خطوناه، وما لا يزال أمامنا أن نخطوه

(ومن الواجب أن نعرف مقياس التقدم قبل أن نقيس ونضبط القياس فمقياس التقدم عندي هو احتمال المسئولية لأنه الفارق بين كل متقدم وكل متأخر بلا استثناء

(. . . وإذا كانت المسئولية مقياس التقدم الأوحد، فالحرية إذن هي شرط التقدم الذي لا غنى عنه بحال من الأحوال، لأنك لا تفرض المسئولية على إنسان مكتوف اليدين، ولا بد من حرية حتى تكون مسئولية، ولا بد من مسئولية حتى يكون تقدم في الحاضر أو المستقبل

(هذه الفوضى التي نراها في أخلاقنا هي مظاهر الحرية الأولى، أو هي أول مفاجأة من مفاجأتها. . . الخ

وقد تخالف العقاد أو توافقه، ولكنك مضطر أن تنظر أولاً في (مقياس التقدم) أو في (مفتاح الفكرة) الذي يلخص الرأي ويبلور التفصيلات

وأما المازني فراح يستعرض المظاهر الخلقية ويحكم عليها واحداً بعد الآخر حسبما رآه. فقال:

(كيف تصلح أخلاق أمة والبيت فاسد والتفاوت بين الرجل والمرأة شديد، والتربية سيئة، والمدرسة عقيمة النهج، والقدوة العامة على أسوأ ما يمكن أن تكون، ولا تقدير للتبعات والمسئوليات، ولا احترام للحقوق، ولا اعتراف بوجود حدود، ولا ثقة بإنصاف. . .) الخ

ويلاحظ أن المازني ذكر (تقدير التبعات والمسئوليات) التي ذكرها العقاد ولكن هذا جاء هنا عرضاً ومظهراً، بينما جاء هناك قاعدة وأصلاً

وعلى هذه الوتيرة تسير طبيعة العقاد وطبيعة المازني في عملهما الفني بل في حياتهما كذلك. والفرق كما ترى بين الطبيعتين بعيد

<<  <  ج:
ص:  >  >>