وجاء في الطبعة الثانية من الكتاب المذكور (ج ٣ ص ٣٦٨)(أما الداغستان، فهي قسمان: داغستان لزكي والثاني داغستان التركي. فاللزكيون يتكلمون ويكتبون بالعربية، ومحاكمهم لسانها العربي)
ولعلي إلى هنا استطعت أن أثبت للقارئ الكريم أن اللغة العربية لغة العلم والثقافة العامة في الداغستان وليست خاصة بالعلماء والمتفقهين فقط كما يقول الأستاذ راشد رستم
ولكن بقى أن نقول في أي عصر من عصور التاريخ انتشرت اللغة العربية في تلك الربوع؟. . وما الذي جاء بها من وراء الحدود حتى أصعدها الجبال وأنزلها الوهاد في الداغستان؟
وفي هذا يقول الأستاذ راشد رستم:(ويرجع الفضل في انتشار اللغة العربية في القوقاز وخاصة في بلاد الداغستان واللزكي والششن إلى إحدى الطرق الصوفية المعروفة باسم المريد)
وأبادر فأقول: إنه ليس في الداغستان، ولا في أي بلد من بلاد الله طريقة صوفية معروفة باسم (المريد)، إنما المريد كلمة عربية فصيحة واضحة المعنى جلية المبنى اسم فاعل من أراد يريد، وتطلق كلمة المريد في عرف الصوفية على كل سالك طريق من طرق الصوفية. وأما الطريقة التي يشير إليها الأستاذ وكانت موجودة في الداغستان فعلاً؛ فهي الطريقة النقشبندية المشهورة؛ ولكن هل هذه الطريقة هي صاحبة الفضل في انتشار اللغة العربية في الداغستان؟ وما شأن الطريقة النقشبندية؟ ومشايخ النقشبندية قوم بخاريون؛ وليسوا من الحجاز ولا من نجد؟
لا. . . لا. . . الواقع أن اللغة العربية في الداغستان قديمة عريقة دخلت البلاد مع سراقة بن عمرو وبكر بن عبد الله، وعبد الرحمن بن ربيعه القواد الفاتحين في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة ٢٢ ومع إخوانهم الغزاة المجاهدين من كبار الصحابة والتابعين الذين اندفعوا كالسيل يجاهدون ويرابطون.
ثم استقرت واطمأنت وألقت عصاها يوم وطد مسلمة ابن عبد الملك الحكم العربي في تلك الأصقاع في خلافة أخيه هشام سنة ١٠٥هـ، وكان يؤيدها على مر الأيام ذلك السيل الذي لا ينقطع من المرابطين الذين كانوا يقصدون إلى (دربند) - وهي ثغر من ثغور المسلمين