فيظن البحارة أن باتوزيس يمزح، ثم ينصرفون من الحانة إلى ملذاتهم ومعهم حظاياهم بعد أن ينقدوا الخمار ثمن شرابهم. . . ويقبل أرسطفان على الشاعر المصري مسروراً باشاً لأنه كان روح هذه الليلة بشعره وغنائه وموسيقاه، ويقدم إليه كأساً راوية فيأمر له (أزمردا) بأخرى، ثم يأخذان في حديث طويل نعرف منه انهما كانا صديقين منذ زمن طويل يعملان في البحر ثم افترقا، وأن أزمردا يعمل الآن في القرصنة والاتجار في سوق الرقيق الأبيض، ثم يعاتبه لتعريضه به بين أولئك السكارى، وما غمره به في قصته التي رواها لهم. . . ويحدثه باتوزيس حديث (ربات الرياح الأربع) الذي سمعه في آخر زيارة له في طيبة المصرية:
فتيات أربع يظهرن في ... كل عام صوراً مختلفات
رائعات يتخطرن على ... هذه الأمواج مثل النسمات
فوق شط رمله من ذهب ... لؤلؤي الماء درّي الحصاة
من يحزهن يحز ملك الثرى ... ومقاليد البحار الطاغيات
فإذا جادله أزمردا في أمرهن أكد له باتوزيس حقيقتهن، فيعرض عليه أزمردا أن يعيش معه في سفينته
تعال في سفينتي وكن أخي وساعدي
وذق مباهج الحياة عذبة الموارد
ثم تسمع ضجة عند باب الحانة، وتدخل جماعة من الشذاذ وعلى رأسهم زعيمهم أزيرو ومعه حظيتان من حظاياه لا تلبثان أن تخرجهما حميا الخمر عن رشدهما، فتشاجر إحداهما الأخرى فيصفع أزيرو إحداهما ويطرحها أرضاً فينتصر لها أزمردا ويرفعها بيديه إلى كرسيها فتثور ثائرة ازيرو ويمتشق حسامه ليغمده في صدر ازمردا. . . فينتفض ازمردا كالأسد، ويكشف عن نفسه ويضرب بسيفه سيف أزيرو فيكسره. . . ويذهل الجميع حين يعرفون أنهم في حضرة القرصان الأكبر، وترتفع صيحة من جوانب الحانة يرددها الجميع مشدوهين: