أما وصف السماء والنجوم والسحاب والمطر والرعد والبرق والليل، فقد ورد كثيراً في شعر العرب. وهو وصف مجرد لا تمسه عاطفة، ولا تدخله خوالج النفس ولا هزات الحس. ولكنه على كل حال تصوير صادق، كثير الإحاطة للتفاصيل. ومن فرسان هذا الميدان ابن خفاجة الأندلسي والسري الرفاء الموصلي وأبو تمام الذي أكثر من وصف الغيث والسحاب، وابن الرومي، وابن المعتز الذي يقول في وصف سحابة
وموقرة بثقل الماء جاءت ... تهادي فوق أعناق الرياح
كأن سماءها لما تجلت ... خلال نجومها عند الصباح
رياض بنفسج خضل نداه ... تفتح بينه نوْر الأقاحي
ولأبي تمام هذه الأبيات الرائعة في وصف الغيث:
لما بدت للأرض من قريب ... تشوقت لو بلها المسكوب
تشوق المريض للطبيب ... وطرب المحب للحبيب
وفرحة الأديب بالأديب ... وخيمت صادقة الشؤبوب
فقام فيها الرعد كالخطيب ... وحنت الريح حنين النوب
والشمس ذات حاجب محجوب ... قد غربت من غير ما غروب
والأرض من ردائها القشيب ... في زاهر من نبتها رطيب
ومن شعراء الإنجليز في هذا الباب (شيلي) وله قصيدة عنوانها (إلى الليل)، وهي من النوع العاطفي؛ والشاعر (جراي) وله (أغنية الربيع)، والشاعر (كيتس) وله (أغنية الخريف)، والشاعر (كامبل) وله (أغنية الشتاء). وهو شعر يذكرنا بما قاله البحتري في وصف الليل والربيع. ويذكرنا كذلك بقصائد رائعة للسري الرفاء وأبي تمام والبحتري وابن الرومي في وصف الربيع والخريف والشتاء والسحاب، وهو شعر منثور في مواضع من دواوينهم ومن السهل الرجوع إليه.
أما البحر ذلك الخضم الواسع الذي يقصر الطرف عن إدراك مداه، وتعجز السنون عن سبر أغواره، فقد كان له من الشعر العربي نصيب، إلا أنه ضئيل، وقد أشار إليه امرؤ القيس إشارة عابرة في معلقته وهو يشبه الليل بموجه، كما وصفه ابن خفاجة الأندلسي بثلاثة أبيات. ووصفه الشاعر الأندلسي يحيى ابن الحكم البكري المشهور بالغزال في