وحسبنا اليوم لضيق المجال أن نشير إلى رأيه في المؤلفة قلوبهم، وفي صلاة التروايح، وفي الطلاق الثلاث بكلمة واحدة وفي توزيع العطاء، وفي الأراضي التي فتحها المسلمون عنوة، وفي متعة الحج ومتعة النكاح، وفي حد شارب الخمر، وفي السرقة عام المجاعة، وفي قتل الجماعة بالواحد، ونحو ذلك من المسائل التي تدل على أن عمر كان فقيهاً بروحه وطبعه، وعلى أن فقهه كان مبنياً على إدراك المصالح التي انبنى عليها التشريع، وأرشد إليها القرآن الكريم، حيث يقول (والله يعلم المفسد من المصلح)(قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما)(إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة) إلى غير ذلك من الآيات
أما بعد: فإذا كان هذا المبدأ قد عمل به عمر، ونزل به الكتاب، وأيده الرسول ورضى به الأصحاب، فجدير بالعلماء أن يجعلوه مبدأهم، وأن يبنوا عليه فقههم، فذلك أجدى عليهم وأدعى إلى أن يتقبله الناس عنهم، وأقوى أن يدفعوا به في صدور أعداء الفقه الإسلامي، وأجمع لكلمة المسلمين، وأنفى لهذا التفرق المذهبي الذي جعلنا شيعاً وأحزاباً ونزع هيبتنا من صدور أعدائنا. أسأل الله الكريم أن يهدينا إلى الصواب، ويبصرنا بالرشاد، ويجمع على الحق كلمتنا إنه سميع مجيب.