بأحوال زمانه، ويذكرنا بالجاحظ، والمقامات البشرية والصيمرية أقرب إلى روايات الأدباء، وهو حسن الفكاهة جداً في المقامة المغيرية التي وصف فيها أبو الفتح ضيفه الثرثار، والحلوانية التي يصف فيها اختلاف رجلين في الحمام على أجرة عيسى ابن هشام والحلاق المجنون، والأصفهانية التي وصف فيها الإمام الذي يطيل الصلاة.
وانظر قول عيسى بن هشام فيما أصابه في الحمام:(فأخذنا إلى الحمام السمت، وأتيناه فلم نر قوامه، ولكني دخلته) الخ المقامة الحلوانية
والقصص في المقامات لا تفصيل فيه ولا اتقان، وإنما هو وسيلة إلى مواقف الإسكندري أو عيسى بن هشام، ويحس القارئ بعيب في بعض هذه القصص على قصرها: ففي المقامة الأصفهانية يحدثنا عيسى ابن هشام أنه كان على أهبة السفر فسمع النداء للصلاة، وخاف أن تفوته القافلة، ولكنه آثر أن يصلي فابتلى بإمام مطيل ممل، ثم قام رجل فقال من كان منكم يحب الصحابة والجماعة، فليعرني سمعه ساعة، فلم يستطع عيسى الخروج، ثم قال الرجل قد جئتكم ببشارة من نبيكم لكن لا أؤديها حتى يطهر الله هذا المسجد من كل نذل يجحد نبوءته، قال عيسى فربطني بالقيود، وشدني بالحبال السود. ويدعى الرجل أن معه دعاء علمه إياه النبي في المنام، وأنه كتبه في رقاع فتسابق الناس إلى الرقاع، وانثالت على الرجل الدراهم. وعرف عيسى بعد خروجه أنه أبو الفتح، ولا يخبرنا ما الذي فعل في أمر السفر الذي بدأ المقامة بحديثه. وفي المقامة الفزارية يقول انه لقي الإسكندري في ليلة يضل فيها الغطاط، ولا يبصر فيها الوطواط. ثم يقول آخر المقامة، فحدر لثامة عن وجهه، فإذا هو والله شيخنا أبو الفتح الإسكندري، فكيف عرفه في الظلام؟ وفي المقامة الغيلانية يحدث عيسى بن هشام عن عصمة بن بدر الفزاري أنه لقي ذا الرمة والفرزدق، ولا يقول إنه لقيهما في منام أو لقي شيطانيهما فكيف رأى هذين الشاعرين رجل معاصر لعيسى بن هشام الذي يحدث بديع الزمان.
وأما عيسى بن هشام وأبو الفتح الإسكندري فيقول عنهما الحريري في مقدمة مقاماته:(وكلاهما مجهول لا يعرف، ونكرة لا تتعرف.) وكأنه يريد أن يقول انهما ليسا كأبي زيد السروجي، عيسى بن هشام لا ينتسب إلى بلد، وفي بعض المقامات كلام يمكن أن يؤخذ منه أنه ينتسب إلى الازد، وابو الفتح انتسب في المقامة العراقية إلى عيسى، وهو منسوب