للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يعيش عليها وما فيها من حيوان ونبات وجماد لها علاقة مباشرة وغير مباشرة مع غيرها من الكواكب والنجوم، فلولا الشمس لما عاش النبات والحيوان والإنسان، ولولا القمر لا ختل نظام التجارة، ولولا الكواكب والنجوم وجذب بعضها لبعض لما استطاع أن يحفظ كل نجم أو كوكب مركزه في هذا الوجود ولسادت الفوضى وعم البلاء

وعلى هذا فالعالم مترابطة أجزاؤه تسيطر عليها أنظمة وتتولاها قوانين لا تتعداها ولا تشذ عنها: والذي لا ريب فيه أن هذا الكون لم يوجد من تلقاء نفسه إذ لو كان كذلك لما رأينا فيه هذا النظام وهذا التنسيق. بل إن هناك قوة (خارقة) منسقة منظمة لا يحيط بها عقلنا، بل هي تحيط بنا وبهذا الوجود من جميع نواحيه فلا تتحرك هباوة في الأرض والسماء من جماد أو نبات أو حيوان، ولا فلك ولا نجم ولا كوكب إلا والله هو محركها والمسير لها في دائرة من النواميس تشهد على عظمته وحكمته وبديع أمره في خلقه، وتنطق بكمال علمه ونفاذ مشيئته، وتدل على قدرته وجلاله وكبريائه. ومهمتنا نحن البشر أن نزيد معارفنا عن هذه النواميس ونبحث في أصولها. وكلما زدنا معرفة بها زدنا اعتقاداً بقدرة الله الخارقة المنظمة وإيماناً بقوة إبداعه، وظهر لنا بجلاء أن هذا الكون لم يخلق باطلاً

هذا الاعتقاد وهذا الإيمان، إذا رسخا عن طريق الدرس والبحث والتفكير في آيات الله فإنهما يسموان بالإنسان إلى عالم أسمى من عالمنا، وفي هذا لذة روحية ومتاع فكري ليس بعدهما لذة أو متاع. وهذا ما جعل الرسول المفكر يقول عند حدوث الظواهر الكونية: اذكروا الله وتفكروا في آلائه وعجائب صنعته، ففي هذا آيات لأولي الألباب، وفي هذا عبادة هي أسمى العبادات وأفضلها

(إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، ويتفكرون في خلق السموات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك)

(نابلس)

قدري حافظ طوقان

تحية الهجرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>