والإنجليز والألمان واليابان
أولئك أقوام لا يعرفون غير لغاتهم، فهم في أمان من احتلال الأفكار والآراء
وهل كان من العبث أن يقول جماهير المشرعين من المسلمين بعدم جواز الصلاة بغير اللغة العربية؟
من المؤكد أنهم كانوا يعرفون أن الله يقبل الصلاة بأية لغة وبأي صوت، ومن المؤكد أنهم كانوا يعرفون أن الله يسمع دبيب النمال كما يسمع قعقعة الرعود
فكيف أوجبوا أن بكون الصلاة باللغة العربية؟
إنهم أرادوا إنشاء قومية لها لغة واحدة، ودين واحد، لتأمن احتلال الأفكار والآراء
ذلك درس تلقيته عن خطيبتي، الخطيبة التي ودعتها عند انتصاف هذا الليل، وإن لم تتلق مني أي جزاء
قالت ونحن نفترق: لن تراني بعد هذا الليل!
فقلت: سنلتقي بأقرب مما تظنين، فلابد للجمر من وقود، وأنت الوقود
وماذا تريد أن تأخذ مني؟
ألا يكفي أنها صيرتني أشهر الدعاة لوطنها الغالي. الغالي على وحدي من أجل حبها. فما تألم روحها يوم سقوط باريس كما تألم روحي. ولا هفا قلبها على فرنسا الجريحة كما هفا قلبي
وأنا برغم بخلها مثن على روحها اللطيف؛ فقد علمتني كيف أدرك قيمة الصورة التي ساقها شاعرنا العربي حين قال:
تعطيك شيئاً قليلاً وهي خائفة ... كما يمس بظهر الحية الفَرِقُ
لن ينقضي عجبي من الفروق بين الأرض والناس
أرض فرنسا هادئة من قديم الزمان، وهي قليلة التعرض للزلازل والبراكين، وقد رأيت بعيني كيف جلدوا عِرقاً نبض من نهر السين وهم يمرون من تحته قطار المتروبوليتان، فكيف يكون أبناء تلك الأرض الهادئة الثابتة ثواراً ومتقلبين في أكثر الأزمان؟
وأرض اليابان معرضة في كل وقت للزلازل والبراكين، ومع هذا عرف اليابانيون بالقرار والاطمئنان، على اختلاف الأحداث والأزمان فما هذا الذي نرى من الفروق بين الأرض