منها ثلاثاً. . . وأكلت أنا واحدة. . . وألقيت بالست الباقية في الغدير. . . ولقد ماتت الأوزتان بعد ذلك بثلاثة أيام. . . إنك لتذكرين ذلك. . . أواه لا تقولي شيئاً. . . أصغي. . . أصغي. . . أنا وحدي التي لم تمت. . . ولكنني كنت دائماً مريضة مدنفة. . . أصغي، لقد مات. . . إنك لتذكرين جيداً. . . إنه ليس في ذلك شيء حتى الآن. . . بل إنه بعد ذلك. . . بعد ذلك بكثير غدت حياتي كلها مفعمة بالشقاء، كفنت أقول فيما بيني وبين نفسي: سوف لا أغادر شقيقتي، سوف أقول لها كل شئ. . . عندما يدهم أحدنا الموت
ولقد كنت أفكر دائماً في تلك اللحظة المرتقبة. تلك اللحظة التي أعترف لك فيها بكل شيء. . .
وهاهي ذي قد حانت! هذا مريع. . . أواه. . . يا شقيقتي الكبرى. . . كنت دائماً أفكر. . . في الصباح وفي المساء، في النهار وفي الليل. . . أنه يجب علي أن أكاشفك بكل شيء. . .
لشد ما تألمت! أنصتي. . الآن يتملكني الخوف. . . خوف مروع، أواه. أخشى أن أراه برهة. . . حينما أموت. . . أتدركين ما أعني؟ أتدركين. . . هاأنذا وقد أشرفت قبلك على الهلاك، أتضرع إليك أن تصفحي عني، لأنني لا أستطيع أن أموت دون أن أتقدم بعفوك إليه. . .
اسأله أيها الأب أن يعفو عني. . أتضرع إليك. . . لا أريد أن أموت قبل ذلك
أخفت سوزان وجهها بين يديها، ولم تأت بحركة، وراحت تفكر في فتاها، وكيف كان من الممكن أن تتعهده بحبها طويلاً، وأية حياة جميلة تلك التي كانت لهما، وومض خياله لحظة في ذهنها ثم لم يلبث أن اختفى في الماضي البعيد. . . مات فتاها وشقيقتها العزيزان. . كم يمزق موتهما قلبها. . . أواه. . . صورته. . . صورته الحبيبة. . . إنها لتحتفظ بها في أعمق نفسها. . . ثم لم يبق شيء من حياتها كلها. . .
وفجأة قام القس، وصاح في صوت جهوري واضح:
يا آنسة سوزان، إن شقيقتك تحتضر
وفتحت سوزان ذراعيها، ووضح وجهها المخضل بالدموع واندفعت إلى شقيقتها وراحت تقبلها بكل قوتها وهي تتمتم. . . إنني أعفو عنك، أعفو عنك يا صغيرتي!