للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العالم العربي، ومعظمها من شعوب البحر المتوسط، عن النحت والتصوير قروناً طوالاً؛ فانصرفت طاقة هذه الشعوب الوجدانية كلها إلى الفنون الأخرى وفي مقدمتها الشعر فأنت فيه بالمعجز والمطرب كما يقولون، وخرجت القصائد من قرائح الشعراء المصريين والشاميين والعراقيين راقصة معجبة في العصر الحديث، كما كانت تخرج من قبل في الشرق العربي وفي المغرب الأندلسي والمغرب الأقصى راقصة معجبة، والمزاج الرومانتيكي بجميع مقوماته مزاج أصيل في جبلة شعوب البحر المتوسط، تلك الشعوب التي اخترعت أديانها قديماً من الخيال الخالص، والتي وضعت أصول فنونها على أسس وجدانية تشبه الشعر إن لم تكن الشعر المجسم نفسه. ومن الناحية القومية، فالوطنيات التي نشأت على شواطئ هذا البحر هي من أقدم الوطنيات في التاريخ أن لم تكن أقدمها جميعاً. ولقد كانت الوطنية تمتزج بالدين في مصر القديمة وعند اليونان والرومان، وأسطورة البقرة هاتور والإله حابي إله النيل هي أسطورة مشهورة. وإذا كان لعلي محمود طه شعر قومي فلجميع الشعراء المصريين أشعار قومية، بل نستطيع أن نقرر أن أكثر من نصف الشعر العربي الحديث قد قيل في مناسبات قومية. وواجبنا عند ما نقرر هذا ذكر شاعر قوميتنا الأول المغفور له حافظ إبراهيم الذي كان ولا يزال له قرناء في الوطنية في جميع الأقطار العربية

وعندي أن الغناء هو الظاهرة العامة في شعر علي محمود طه، الغناء الجميل الذي توزن له الألفاظ وتستجاد البحور وتسترق القوافي. ولو لم يعن الأستاذ عبد الوهاب أغنية الجندول لغناها غيره من مطربي العصر الحاضر أو من مطربي العصور المقبلة، وليست الجندول وحدها هي الجديرة بغناء عبد الوهاب، بل إن من نظمه ما يوشك أن يغنى نفسه. فما بال مطربينا نائمين عن هذا الكنز الثمين؟ إن من الأمية أن يهمل مطربونا غناء قطع علي محمود طه الخالدة: بحيرة كومو؛ خمرة الرين، أغنية ليالي النيل، كأس الخيام، وكلها في ليالي الملاح التائه؛ وقبلة، والنشيد، وميلاد شاعر وهي في الملاح التائه؛ وليالي كليوبطرة، وسارية الفجر، وأغنية الحب، وخمرة الشاعر، وزهراتي، وراقصة الحانة، والشاعر، وعاشقة، والكرمة الأولى، وحلم ليلة الهجرة، ليلة عيد الميلاد، وعام جديد، وكلها في مجموعته (خمر وزهر)

<<  <  ج:
ص:  >  >>