أنا أريد أن أقول إن لأبي تمام مدرسة شعرية، وهي المدرسة الثانية في الأدب العربي، وهي أوضح من المدرسة الأولي، والكلام هنا مقصور على العهد الإسلامي، أما العهد الجاهلي فله مدرسة يختصم في رياستها شاعران عظيمان، هما زهير ولبيد، ومع احترامي لزهير صاحب الحوليات فأنا أعتقد أن معلقة لبيد هي أعظم قصيدة جاد بها الروح العربي، وأنا أتعجب من أن يتناسى مؤرخو الأدب منزلة لبيد مع أنه أهظم من امرئ القيس بمراحل طوال
أترك هذا الاستطراد وأذكر أن المدرسة الأولى في العصر الإسلامي كان فيها فصلان أساسيان: أحدهما خاص بالثورة على الأخيلة البدوية بإشراف أبي نواس، وثانيهما خاص بالفن الشعري بإشراف بشار، وهو أعظم الفنانين بين القدماء
ولا موجب للنص على منزلة مسلم بن الوليد، فهي أوضح من أن تحتاج إلى إيضاح، فقصيدته الدالية هي أشرف ما جاد به عصر بشار وأبي نواس
ومسلم بن الوليد هو الصورة التي تأثر بها أبو تمام؛ فقد حدثنا الأستاذ محمد المهدي في محاضراته بالجامعة المصرية أن أبا تمام وضع المصحف بين يديه وأقسم أن لا ينال طعاماً ولا شراباً إلا بعد أن يحفظ ديوان مسلم بن الوليد
ومن مجد مصر أن ديوان هذا الشاعر نشر أول مرة في مدينة دمياط
أبو تمام العربي
أراد ناس أن يشككوا في عروبة أبي تمام، ومنهم الدكتور طه حسين، والدكتور طه رجل منصف، ولهذا أرجوه أن يسمع حديثي
التشكيك في نسب أبي تمام بدعة قال بها المتأخرون من المستشرقين، وهي بدعة لا تستند إلى أي برهان، فقد أجمع القدماء على أن أبا تمام هو الطائي الأول وأن البحتري هو الطائي الثاني
أبو تمام العربي هو رئيس تلك المدرسة الشعرية، وهو الرئيس الذي عجز عن مجاراته ابن الرومي