شعر العرب للعرب، فما ابن الرومي وما شعره وقد عجز عن الظفر بالموسيقا الشعرية؟
أبو تمام العربي هو رئيس المدرسة الثانية في العصر الإسلامي، وقد جلجل شعره وصلصل، وامتد صوته إلى آفاق يعجز عن اجتيازها الخيال
وأبو تمام مظلوم أقبح الظلم في هذا الزمن الظلوم، فقد قال أحد الناس إن شعره من رأسه لا من قلبه، وقال آخرون إن شعره خال من تعدد الألوان
والحق كل الحق أن فن أبي تمام جني عليه، فقد تصوره بعض بني آدم رجلاً لا يحسن غير التنميق، مع أن صياغته الروحية تفوق صياغته الفنية، ومع أن معانيه فوق ألفاظه بمراحل بعيدة، وإن اشتهر بزخرفة الألفاظ
هذا الرجل زلزل معاصريه وأوقعهم في فتن دامية، ولم يمت إلا بعد أن صرع خصومه وأرداهم أعنف إرداء
حدثنا الأستاذ محمد المهدي في محاضراته بالجامعة المصرية أن أبا تمام أخمل ثلثمائة شاعر في زمانه بلا قصد وبلا نية، لأنه كان نصيراً لجميع الشعراء، فما قال قائل إن هذا الشاعر العظيم وجه إلى أحد معاصريه أي إيذاء، لأنه كان غنياً بفضله كما قال أستاذنا محمد المهدي
وروح أبي تمام خلق جولة من الأدب، ولعله السبب في قتل الشريف الرضي وأبي الطيب المتنبي، فقد أراد هذان الشاعران أن يخملا اسمه بجهود عنيفة لا يستطيعها إلا من يكون في مثل قوة الرضي والمتنبي
وأنا متردد في الفصل بين هؤلاء الشعراء، فالشريف الرضي كانت له غاية واضحة هي السيطرة على الخلفاء في بغداد، والمتنبي كان يريد أن يظفر بمكانة في الديار المصرية، كأن يكون خليفة دعبل في مدينة أسوان
لم يلتفت أبو تمام إلى شيء من أعراض الدنيا الفانية أو الباقية، وإنما التفت إلى الفن الشعري ليرقم اسمه فوق جبين الخلود
أبو تمام مظلوم، فما التفت أحد إلى شعوره بالحياة، ولا عرف أجد أن اهتمامه بالألفاظ لا يقاس إلى اهتمامه بالمعاني
والجاهلون من مؤرخي الأدب العربي لا يعرفون إلا سمة واحدة من سمات أبي تمام، وهي