ينأى به عن اتباع المذهب الاستحساني في تغزله. والذي يبدو لي في هذا القول أنه ليس فيه ما يجافي جميلا عن المذهب المذكور، فهو لم يقدح في جمال عيني بثينة ولا ثغرها؛ بل ما زال مستحسنا لهما كل الاستحسان، وناهيك بوصفه الأنياب بالغر. وغاية ما بجميل أنه كانت تستبد به أحياناً عوامل الغرام فيصاب بما يصاب به الوالهون في مثل هذه الساعات من ذهول واضطراب يجعلانه يتبرم بكل شيء في الحياة، حتى أن حبيبته التي هي أعز ما في الحياة لديه يتمنى أن تذوق شيئاً من الشقاء، حتى ترغم على العطف عليه فينعم بهذا العطف وحسبه ذاك. على أن جميلا نفسه فيما رواه الأستاذ في (مختارات شعره) ص ١٤١ قد وصف محبوبته بأنها كالبدر، ووصف غيرها من النساء بأنهن كالكواكب فهن دونها جمالا، وبهذا اتبع مذهب (الاستحسان)، وذلك حين يقول:
هي البدر حسناً والنساء كواكب ... وشتان ما بين الكواكب والبدر
(مكة المكرمة)
عبد القدوس الأنصاري
بين حمدة والمنازي
دهشت لما قرأت حكم الأديب عبد الحميد عبد المجيد بأن نسبة الأبيات التي أولها:
وقانا لفحة الرمضاء واد ... سقاه مضاعف الغيث العميم الخ إلى أبي نصر أحمد بن يوسف
المنازي خطأ وإنها لحمد الأندلسية. دهشت لأني أعلم أن هذه الأبيات مما تنازعها المشرقيون والأندلسيون قديماً، بل لقد أجمع أدباء المشرق - كما يقول ياقوت في معجم الأباء - على نسبة هذه الأبيات للمنازي المتوفى سنة ٤٣٧ ونسبها أدباء الأندلس ومؤرخوه إلى حمدة بيت زياد
وفي وفيات الأعيان لابن خلكان أن المنازي اجتاز في بعض أسفاره بوادي (بزاعا) - قرية بين منبج وحلب - فأعجبه حسن هذا الوادي وقال هذه الأبيات في وصغه.
٢ - قيس لبنى وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
ذكر صاحب الأغاني (ج ٨ ص ٩٤) أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال في زوجته عشمة هذه الأبيات: