فتاة مسلمة من أصل جركسي ولا يفوتني أن أشكر المؤلف إذ لم يدع أنها من سلالة عربية - تقطن القاهرة مدينة المعز، ومثابة الدين لا ترى حرجاً، وقد تشربت نفسها روح الحضارة الأوربية، وخلب لبها زيفها - أن تسجل في مذكراتها ما يأباه الدين والكرامة، فهي تسمح لعلي شقيق صديقتها بأن يقبلها لأنها (تستلطفه)، ثم تغازل أحمد في سيارة عامة لأن عينيه جذابتان، وتدع منديلها يسقط على مرأى منه كي يعدو وراءها ويناديها فتعرف: هل صوته جميل كعينيه؟ وتراه يدخل حانوت وراق فتلجه خلفه وتتمسح به، فإذا خرج كانت معه لدى الباب كما أرادت فيدعوها للخيالة فتلبي رغبته، وهي لا ترى بأساً من الكذب على والديها، وتذهب معه لأحياء ليلة رأس السنة في ملهى من ملاهي القاهرة وتعود بعد منتصف الليل ولا ترى ضيراً من إحياء عيد ميلادها هي بشرب قدحين من (البورتو)، وقد كادا يكونان من (الويسكي) في مقهى بالجيزة. . . الخ ما هنالك مما أستحي أن أسطره
هذا بعض ما جاء في آخر ما صدر من سلسلة (أقرأ)، ولست أدري وأيم الحق ما غرض مؤلفه منه!
أيريد أن يعرض علينا صورة بشعة مما عليه تعض الفتيات اللاوائي نبذن الفضيلة والخلق الرضي وراءهن ظهرياً، وقلدن الفتاة الغربية في مثالبها ونقائصها فيثير فينا الحمية، حتى ننأى ببناتنا عن مزالق الفتنة؟
أم يريد أن يؤنبنا على تفريطنا في أمر الفتاة، وأنا تركنا لها الحبل على القارب، فكان هذا شأنها؟ أم يريد أن يقول: إن هذه هي الفتاة العصرية، فيآيها الفتيات اللائي لا يزلن متمسكات بالفضيلة والحياء، إنكن جامدات رجعيات، وإن التمدين لن يكون إلا على هذا النمط، فقلدن (سميحة) حتى تتشرفن بأن يخلع عليكن لقب (العصريات)؟
ربما لم يقصد المؤلف شيئاً من كل هذا، وإنما يرمى لهدف لا أدريه، أو أنه يقصد (الفن للفن)، وإن كان عقلي الكليل لم يجد فيما كتب فناً
لا أنكر وجود هذا الصنف من الفتيات اللائي ينتسبن إلى بيئات تدعى أنها (أرستوقراطية)، ولعل الكاتب قد تلطف كثيراً فلم يعرض إلا نموذجاً (معتدلاً) منهن. ولكن أما آن لنا أن نكف عن عرض هذه المغريات التي تهوى بمجتمعنا إلى الحضيض؟