ضحك الأستاذ المحاسني لذلك أشد الضحك وتعجب لحالنا وأنذر ليتحدثن به إلى أدباء الشام جميعاً. . . والحق أنه لشيء يتحدث به ويتندر، إذ كيف تجمع القاهرة ثمانية أعشار الأدباء المصريين ثم لا تجمعهم جامعة، ولا تربط بينهم رابطة، ولا يعرف الواحد منهم ثلاثة أو خمسة من عشرات بل من مئات ومئات؟!
ولقد أضحكتنا هذه الظاهرة، أو تلك البادرة، ضحكا طويلا. فهذا هو الأستاذ الزيات لا يعرف الأستاذ خليل ثابت إلا حين يلقاه فجأة في مناسبة من المناسبات. وهذا هو الأستاذ عبد الرحمن صدقي يكتب في مجلة الهلال ثلاث سنوات أو أربع سنوات ثم لا يعرفه الأستاذ إميل زيدان بعد هذه المدة الطويلة إلا حين يقدمه إليه أحد أصدقاء الطرفين في إحدى المناسبات أيضاً. . . وهكذا. . . وهكذا. . .
وأحسب القراء يذكرون ما حدثتهم به من التقائي فجأة بالأستاذ الحكيم في الرسالة، وما انتهى إليه هذا اللقاء من صداقة كريمة. وقد سألني الأستاذ الحكيم مداعباً بعد فراغي من الكتابة عن الشاعر الكريم علي محمود طه. . . فضحكت. . . ثم أخبرته في بساطة تامة أنني لم أره في حياتي مطلقاً؟! هذا مع العلم بأن بين مجلس النواب وبين وزارة المعارف دقيقة واحدة! ولا شك في أننا كلينا مقصران!
أما ما يناوش به الدكتور زكي مبارك إخواننا أدباء لبنان فهو موضع العجب. . . لحدوثه في الوقت الذي نبتهل إلى الله فيه أن ينجح الدعوة إلى الوحدة العربية، لأن في هذه الوحدة عزة الأدباء العرب أجمعين، ونحن إلى التعارف والتقارب أحوج منا إلى التنابذ والتباعد. أما الزعامة الأدبية فليس سبيلها أن يدعيها الأدباء اللبنانيون فتكون لهم أو أدباء اليمن فتكون ملك أيمانهم. . . بل سبيلها الإنتاج الأدبي وقيمة هذا الإنتاج وأثره في شعوب الوحدة العربية، ولهذا كان خليقاً بأدباء لبنان ألا يشاكسوا الدكتور زكي مبارك، كما كان خليقاً بالدكتور زكي مبارك ألا يناوش أدباء لبنان. . . لأننا نعز اللبنانيين جميعاً، لا أدباءهم فقط، كما نعز أنفسنا
وإذا كان التعارف بين الأدباء في داخل مصر واجباً، فهو أوجب بين الأدباء المصريين وأدباء الشرق العربي، ثم بيننا وبين أدباء أفريقيا الشمالية، ويجب أن يتحقق أمل الأستاذ الصديق صلاح الدين المنجد في عقد مؤتمر أدبي عربي في القريب العاجل إن شاء الله