يصفهم المؤرخ ابن كثير؛ ولهم كثير من الحيل والبهتان. وهم في نظر ابن تيمية من الدجاجلة المخالفين للشريعة؛ فنصب هذا الإمام السلفي لهم العداء، واخذ عليهم أقوالهم وأفعالهم، وعقدت له بالشام ثلاثة مجالس للرد عليهم وبيان ما في طريقتهم من مقبول ومردود بالكتاب والسنة.
ولم تكن تلك المجالس تعقد في المساجد الجامعة كما يتبادر إلى الذهن، ولا في سرادقات خاصة تضرب لها، ولكنها كانت تعقد في قصر نائب السلطان بدمشق. وهي تعيد إلى الذهن تلك المناظرات الدينية التي دارت بين علماء الكلام في العصر العباسي الأول.
وقد أثارت تلك المجالس الدينية خصومة شديدة بين العلماء، ولعبت فيها أحقاد القلوب دوراً عظيما، فخشى الشيخ الأكبر على نفسه في الشام، وقصد إلى مصر لعله يجد فيها متسعا لآرائه وجهاده، فخرج لوداعه من أهل الشام خلق كثير. وكان الخارجون - كما يروى لبن كثير - بين باك عليه أو حزين لفراقه أو شامت فيه أو منفرج محيد. وفي طريقه إلى مصر يعرج على غزة فيعقد له في جامعها مجلس ديني عظيم. وفي مصر يعقد له مجلس بالقلعة يحضره القضاة ورجال الدين وأكابر الدولة. فتلاحقه في مصر الأحقاد ويكثر الحاسدون فيه القول، ويفترون عليه الكذب. ويدعي عليه في هذا المجلس ابن مخلوف المالكي المصري أنه من المشبهة الذي يقولون بأن الله فوق العرش حقيقة وأنه يتكلم بحرف وصوت. ويقف الشيخ ليدافع فيقاطعه ابن مخلوف قائلاً: ما جئنا بك لتخطب. فيسأل ابن تيمية: ومن هو الحكم في؟ فيجاب بأنه ابن مخلوف نفسه. فيتجه ابن تيمية إلى ابن مخلوف قائلا: كيف تحكم فيّ وأنت خصمي؟ وينتهي المجلس بحبس الشيخ الأكبر في برج أولاً، ثم ينقل إلى محبس يعرف بالجب