فنانو الأناضول الشكل الدائري إلى شكل ذي ثمانية أضلاع، أي إلى خطوط مستقيمة تنكسر في زوايا لها مظهر فيه الكثير من الجمود وشدة الجفاف، لأن طبيعتهم تنفر من الأشكال الدائرة المرنة، وكان إطار السجاجيد في العصر السلجوقي يزين بشريط من شبه الكتابة الكوفية، تتفق في مظهرها مع باقي الوحدات الزخرفية ذات الشكل الهندسي. ولا يفوتنا هنا أن نذكر أن الرحالة الشهير (ماركو بولو)، كان قد ذهب إلى هذه البلاد في سنة ١٢٨٣ وزار السلاجقة في عاصمتهم قونية وكتب عن ذلك يقول إن أحسن وأجود سجاد العالم يصنع في الأناضول
أما بعد سنة ١٣٠٠م فقد قام آل عثمان على أنقاض الدولة السلجوقية في بلاد الأناضول وأسسوا الدولة العثمانية، وكانوا شديدي التمسك بتعاليم السنة وكره رسوم الكائنات الحية، فعملوا على اختفاء صور الحيوانات والطيور من التحف الفنية ومن السجاد. ومنذ بدء القرن السادس عشر أخذوا في تقليد رسوم قطع السجاد الممتازة الإيرانية، فأدخلوا بذلك عناصر جديدة على أنواع الزخارف في الأناضول، واستطاعوا في أواخر هذا القرن أن يكونوا لأنفسهم أسلوباً فنياً خاصاً بهم، عُني فيه أشد العناية بالزخارف النباتية في تطوراتها المختلفة حتى بلغت أقصى حدود الكمال، مثال ذلك المراوح النخيلية وأنواع الزهور المهذبة (الأرابسك) والأوراق المسننة التي تشبه سنان الحراب، وكذلك الزهور المحببة إلى سكان الأناضول كالقرنفل وزهور السوسن ذات السيقان الرفيعة
واقتبس فنانو الأناضول من بين العناصر الزخرفية المغولية ما يسمى (السحب الصينية)(تشي)، وإن كانوا قد تجنبوا تكرار استعمال غيرها من الزخارف المغولية كصور الحيوانات الخرافية التي تتنافر مع شدة تمسكهم بتعاليم السنة. وقد ظهر هذا التأثير المغولي في سجاد الأناضول في القرن الرابع عشر، ولم يكن ذلك نتيجة لفتوحات المغول وامتدادها إلى العراق وسوريا، بل نشأ عن التبادل التجاري الواسع المدى بين الصين وبلاد الشرق الأدنى، وما كان لأنواع الصناعات الصينية من أثر كبير في فنون هذه البلاد كما نرى ذلك بوضوح في زخارف وأنواع الأواني الخزفية والمنسوجات المصرية وسجاد الأناضول وغير ذلك من صناعات هذا العصر. وظهر هذا التأثير لأول مرة في شكل (مصارعة التنين للعنقاء) على سجادة رسمها المصور دومينيكو دي بارتولو في إحدى لوحاته حوالي