ولو استطاع لفعل. لكنه يعلم أن مجرد الإنكار لا يغني وكلامه شاهد عليه؛ ثم عز عليه أن يتبرأ من كلامه ذلك بعد أن طال افتخاره به، فجمجم يقول إني أتمسح بالدين لأنتصر عليه، ودمدم يظن أنه يستطيع أن يخدع الناس عن ضعفه بتظاهره بالقوة. ولست ابغي إلا أن يعرفه الناس فيحذروه. فإذا هو لم يخرج مما دخل فيه بالتبرؤ منه والرجوع عنه، فسنخرج نحن مما دخلنا فيه بإيراد الدليل عليه من كلام زكي مبارك نفسه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
محمد أحمد الغمراوي
إلى الدكتور زكي مبارك
كنت أيها الأستاذ الجليل أسبق الأدباء المصريين إلى رد الظلم والبهتان اللذين حاول كاتب لبناني أن يلصقهما بهم، وكنت أسرعهم إلى رفع الحيف الذي ما فتئ هذا الكاتب ينالهم به، بين حين وآخر، لغاية في نفسه
ولقد حمدنا لكان تتناول - في مقالات نشرت في (المصري) آراء ذلك الكاتب بالنقد والتجريح وأن تحللها مبيناً ضعف الحجة ووهن المنطق فيها
بيد أن الذي لم نحمده لك أن تخاطب في مقالاتك الأدباء اللبنانيين جميعهم، كأنك تعتقد أن التهمة التي ألصقتها بذلك الكاتب، جائزة عليهم كلهم، فكنت تعجب من (الكتاب اللبنانيين) ومن ظلمهم وتعسفهم وإنكارهم لقيمة الأدب المصري، وما كان يجوز لك أن تجري عليهم جميعاً حكمك على كاتب منهم معين، أو على مجلة معينة. فلا تحسبن أن الذي تنكره على ذلك الكاتب وعلى تلك المجلة، نستسيغه نحن، ونرضى به، ولئن كنا لم نسارع إلى دفع ذلك الكلام، ولم نبادر إلى نقده، فليس ذلك لأننا راضون عنه أو لأننا عاجزون عن رده، وإنما كان ذلك لأننا لمسنا أن وراء ذلك الكلام غاية معينة، وغرضاً خاصاً، تستهدف له كرامتنا الوطنية نفسها
ولما كنا نعتقد أن كرامتنا الوطنية بلغت من تقدير الناس وتقديرنا لها حداً لن يتأثر قط بأراجيف مصطنعة، وادعاءات مغرضة؛ فإننا طوينا كشحاً عن كلام ذلك الكاتب غير آبهين له خاصة وإننا كلنا أو جلنا على مثل اليقين بأن الكاتب المقصود لم يقم يوماً بدراسة أو محاضرة ولم يؤلف كتاباً أو مقالاً خالصاً لوجه الأدب!