يظهر كالرقعة المهلهلة في الثوب الجديد الكامل النسق
وما الذي يحملنا على أن نفكر في الحروف اللاتينية لنكتب بها العربية؟ ما الذي يحملنا على أن نحمل ذلك الحجر الثقيل على أكتافنا من بلاد اللاتين إلى صميم بلاد العرب، لتقذف به لغة العرب، فيلوب في بحرها الخضم ثم يلوب، ومن بعد تبتلعه، ولا نكسب من ذلك إلا تعب الحمل، ووزر ذلك الشيطان الذي قذف كرة الأرض بحجره الثقيل، فلم ينتقصها وإنما ابتلعه جمالها فزادت به جمالاً، ولم يغير من طبيعتها وإنما زاد إلى تاريخها فصلاً محجوجاً مكروها. إنما يكون مثلنا في هذه الحال كالشمطاء التي أبت إلا أن تنتقص جمال حسناء، حقداً وكيداً، فاجتزت خصلة من لمتها، فبدت غرتها أجمل وأفتن
حاول الأستاذ عبد العزيز فهمي باشا أن يصلح من اللغة العربية بمشروعه ذاك الذي نشره في المصور، بأن يجد طريقاً يسهل على الناس قراءة العربية صحيحة كما تلقيناها عن الفصحاء. وأشار من طرف خفي إلى حروف الحركة، كأن اللغة العربية ليس بها حروف حركة؛ ولكنه نسى أن العربية تمتاز على جميع لغات العالم من هذه الناحية. نسى أن بها حروف مد وحروف حركة، فإن حروف الألف والواو والياء ليست في الواقع حروف حركة في اللغة العربية وإنما هي حروف مد. فإذا قلنا مثلاً (كتاب) فالألف هنا ليست حرف حركة وإنما هي حرف مد تطول معه حركة التاء. أما حروف الحركة فهي في الواقع الحركات الفتح والضم والكسر والسكون، فصلت عن بقية الكلمة لتدل على حركة حروفها، وهو نوع من الاختصار لا تجد له مثيلاً في لغة من لغات الأرض، ولون من الجمال الواضح والوحدة السليمة تمتاز به هذه اللغة العجيبة دون غيرها من اللغات. وسبحان الله إذ يصبح الكمال في نظر بعض الناس نقصاً، والجمال قبحاً، كأنما نحن نمل أن نتعلم لغتنا على أساسها الصحيح، ومن طريقها الواضح الذي شرحه العلامة الأستاذ عرفة على صفحات الرسالة، إنما نحن نعبر بمثل هذه الآراء التي يعرضها الباشا الكبير عن ملل واضطراب
وما أريد أن أتكلم عن تراث العرب والعربية، وما أريد أن أتكلم في أن هذه اللغة لغة دين ولغة أدب وعلم وفن انحدرت إلينا من خمسة عشر قرناً إلا قليلاً تحمل إلينا في تضعيفها مشعل الماضي مضيئاً. لا أريد أن أتكلم في شئ من هذا فإنه بمثابة القول المعاد، وإنما