في تبرئة السيدة عائشة ووقفنا عندها مكتفين بها أو متوسعين في شرحها، ولكننا كما يعلم قراء كتابنا قد أشرنا إلى تلك الآيات حين أشارت إليها السيدة عائشة ولم نزد على الإشارة بقليل ولا كثير
إنما دليلنا على براءة السيدة عائشة أنها إن كانت قد أخطأت - وبرأها القرآن - استحال عليها أن تؤمن بالكتاب وأن تصدق بأنه وحي من عند الله، وأيسر شئ عليها إذن أن تخترع الأحاديث على النبي عند مسيس الحاجة إلى الاختراع، وأي حاجة إلى الاختراع أمس من لجاج الخصومة بينها وبين على أو بينها وبين عثمان، بل أي حاجة إلى الاختراع أمس من تشيعها لطلحة أو الزبير ورغبتها في تقديم المسلمين إياهما وهي قادرة على تعزيز ذلك بكلام تعزوه إلى زوجها العظيم ويصدقه الأصدقاء والخصوم!
فإيمانها بالقرآن وبالأحاديث النبوية وتقديسها لحرمة تلك الأحاديث هو الدليل القاطع على براءتها من التهمة التي افتريت عليها. إذ هي لو كانت قد أخطأت وبرأها القرآن لكان إيمانها بالقرآن والأحاديث من المستحيلات، واستحالة الإيمان هنا حقيقة مقررة يقبلها عقل المسلم، ويقبلها عقل المسيحي، ويقبلها عقل الملحد الذي لا يدين بدين
ومن ثم يخطئ الأستاذ المسلم - الشيخ محمد يوسف موسى - إذ يقول:(إنه استدلال أن صدقه من يرى لأم المؤمنين النزاهة والجلالة من أجل دينه فحسب فقد لا يصدق به من لم يكن كذلك)
لأن التصديق هنا قضية عقلية لا فكاك منها. . . هل يقوم الدليل القاطع عند عائشة على أن القرآن برأها من ذنب جاءت به ثم تظل على إيمانها بالقرآن؟
الجواب هنا من المسلمين وغير المسلمين: كلا. بل هو مستحيل، وهذا هو الذي قصدنا إليه
وعلى ذكر الأستاذ المسلم - الشيخ محمد يوسف موسى - نرى من الواجب أن نعقب على كلامه ببعض التعليق المفيد
فهو يقول في كلمته (إني لم أتشرف بعد بصداقة الأستاذين، ولكني أعرف لكل منها حقه من التقدير)
فإن فهم أحد من هذه الكلمة أن الشيخ محمد يوسف لا يعرفنا ولا علاقة له بنا فذلك فهم يحتاج إلى تصحيح