ثم إن فلسطين عزيزة على العرب من مسلمين ومسيحيين، ولهم فيها ذكريات غاليات، وحرمات مقدسة، بل إن المسلمين جميعاً في كل صقع الأرض يقدسونها ويعظمونها، ولن تطيب لهم نفس أو يهدأ لهم بال إن غلب عليها اليهود
الوعي العربي
نحمدك اللهم على أن أفقنا أخيراً من سباتنا العميق، وأخذنا نتآلف ونتآزر، ونتشارك في السراء والضراء بعد أن فرقتنا أيدي المطامع بدداً، وبعد أن بحت أصوات المخلصين للوحدة العربية.
إننا نيف وخمسون مليوناً من الأنفس في بقاع متصلة من خير الأرض وأمرعها وأغناها وأحسنها موقعاً، تربطنا أواصر محكمة من اللغة والتاريخ والعادات والدم والدين والآمال والآلام؛ وإذا لم تكن هذه الأواصر كفيلة بتكوين أمة متحدة متماسكة اقتصادياً وعلمياً وحربياً وسياسياً، فلست أدري أي شئ يكوّن هذه الأمة!!
كانت قضية لبنان اختباراً لمبلغ الوعي القومي عند الشعوب العربية، والخروج من ميدان الكلام والإعداد إلى ميدان العمل والجهاد، بيد أن قضية لبنان لم تكن من التعقيد مثل قضية فلسطين. وهنا سيتجلى إخلاصنا للقضية العربية، ومبلغ صدقنا في الجهاد وثباتنا أمام الصعاب، وقدرتنا على تذليلها وتعبيدها. فإن وقفنا أمة واحدة تنطق بلسان واحد وكلمة واحدة لا تتغير، ولا تفتر لنا عزيمة، أو تلين لنا قناة فسننتصر ونخرج ظافرين من الاختبار بحول الله. وهي خطوة لها ما بعدها، إن نجحت كانت حجر الزاوية في بناء الصرح العربي المرموق
ولا يسعنا إلا أن يسجل بالحمد والشكر والفخر والتأييد موقف الحكومات العربية، وفي طليعتها الحكومة المصرية على احتجاجها الصارخ على معاضدة بعض الشيوخ الأمريكيين لقضية اليهود في فلسطين. ويقيننا أنهم أيقاظ للأحداث الدولية المنتظرة، وأنهم سيجعلون نصب أعينهم، وضمن برامجهم السياسية إنقاذ فلسطين من اليهود واستخلاصها للعرب، واستنجاز إنجلترا ما وعدت به في الكتاب الأبيض، وأنهم لن يلينوا أمان الضغط والدعاية اليهودية، وأنهم والحمد لله عامرة قلوبهم بالإيمان والإخلاص والوطنية
إن في هذه الحرب عظات ودروساً يجب أن نتلقفها ونفيد منها، فأقوى الأمم وأمنعها حوزة