سقى الله مجالسك الغر يا حافظ، فقد لا يجود بمثلها الزمان! فأين هذا - هو مثال وجيز من عبقرية شاعر - من متشاعري هذا الزمان الذي كل بضاعتهم قشور من هنا ومن هناك، وثقافة فجة، وجهل مطبق بالأدب العربي وتاريخه، وألفاظ ذات بريق يلوون بها ألسنتهم، لتحسبها من الشعر، وما هي منه - لعمرك - في شئ؟
أعود إلى تلك الحقبة التي أبرزت شعراءنا الأربعة، فأزعم أنها لا تعبر إلا عنهم وحدهم، وإن نجم بينهم فيها من يعترف لهم بالاقتدار وسمو الشاعرية.
وقد يكون هذا رأيا خاصاً بي، لا يشركني فيه غيري؛ ولكنه رأي هكذا كونته. وقد أعرض له بشيء من التفصيل، متى واتت الفرصة.
فلما خلا الميدان من هؤلاء الفرسان، ودالت أيامهم، سدلت على (المسرح) الستارة. ثم عادت فارتفعت، فإذا مشهد عجب، وإذا الحال غير الحال، وإذا نحن أمام فوضى النظم والنظام، تلك الفوضى التي يجب أن يتظاهر عليها فضلاء النقاد، وذوو الرأي من الأدباء، ليكبحوا من جماحها، ويفلَّوا من شرَّتها.
(للحديث بقية)
(ا. ع)
(النقد) بمعنى المال
تناول الشيخ أحمد محمد شاكر كتاب الأستاذ العقاد (الصديقة بنت الصديق) بالنقد في جريدة الوفد المصري فأنكر البيتين اللذين نسبهما العقاد إلى عروة بن الزبير وأجراهما على لسان عائشة
فلو سمعوا في مصر أوصاف خده ... لما بذلوا في سوم يوسف من نقد
ويقول الأستاذ شاكر:(ولكن العرب لا تعرف (النقد) بالمعنى المفهوم عند المتأخرين بمعنى المال كما يقول العامة (النقد)(النقود)، وإنما النقد عندهم تمييز الدراهم وإخراج الزيف منها. والنقد عندهم أيضاً خلاف النسيئة، وله معان أخر ليس منها المال نفسه، فإن شاء الكاتب الجريء - يريد العقاد - أن يكابر في هذا فليذكر لنا نصاً صريحاً ثابتاً من كلام