عيناه من دموع. . . ثم عاهدها على أن يعمل كما يعمل الناس، حتى إذا اكتمل له ثمنها دفعه إلى ابن سهيل ثم أعتقها، ثم تكون له بعد هذا زوجة!
وكان ابن سهيل رفيقاً بعبد الرحمن حين لحظ ما كان يعصف به من رياح هذا الحب. . . فلم يلبث أن عرض عليه سلامة هدية خالصة. . . إلا أن عبد الرحمن أبى، وزاده إباء أن ابن سهيل كان إذ ذاك في عسرة من أحواله المالية، فإذا اشتراها عبد الرحمن ببعض المال كان أصلح لابن سهيل وأوفق لظرفه الخاص، ثم كان ذلك أكرم لهوى عبد الرحمن وأصون لحبه. . . ولم يبال، وقد فكر هذا التفكير أن يبيع بعض عقاره ليشتري سلامة. . . فلما فعل، وذهب بالمال إلى ابن سهيل، كان السيف قد سبق. . . فقد باع القاضي جميع ما يملك ابن سهيل، وسلامة في كل ما يملك. . . لقد اشتراها ابن رمانة تاجر الجواري بالمدينة، ولقد دفع فيها غالياً
وكانت صدمةً أي صدمة لعبد الرحمن! لقد ضاقت به الدنيا. . . وبكى أحر البكاء وأعنفه، وكانت دموعه تمتح من أعماق قلبه لا من أغوار عينيه. . . لكنه احتمل. . . وانتوى أن يعمل أضعاف ما عمل ليرضى شهوة المالك الجديد الذي اشترى سلامة تجارة رابحة وصيداً ليس مثله صيد!
ثم مضت الأيام كما مضت من قبل. . . أو أشد مما مضت من قبل، وربح عبد الرحمن مالاً جماً، وكان هذه المرة يعمل مع ابن سهيل؛ فلما بارك الله لهما، شدا رحلهما إلى المدينة بعد أن تجهزا. . . من أجل سلامة. . . وكان قلب عبد الرحمن يحدثه عند كل ثنّية، وكانت مشاعره تهيج عند كل مقام. . . لأن سلامة مرت من قبل بتلك الثنية أو قامت بهذا المقام. . . ثم نزلا ضيفين عند أحد الأصدقاء بالمدينة، قبل أن يتوجها إلى دار ابن رمانة. . . وعلما من صديقهما أنباء سلامة ففرحا واطمأنا وكان الرجل قد ذكر لهما أشياء وأخفى عنهما أشياء. . . ثم وجهه إلى ابن رمانة، وحضرا مجلس غناء شدت فيه سلامة، وأغمى على عبد الرحمن عند بيت من قصيدة له كانت تغنيها، وكانا قد تلاحظا وتعارفا قبل الإغماء. فتولت سلامة العناية به حتى عاد إليه صوابه، فما سلّما حتى استخرطا في بكاء شديد
وخلا الرجلان بابن رمانة وعرضا عليه ما قدما من أجله فأوشك التاجر الذي لا يعرف إلا