كانت أنوثتها رهناً بقوة في الرجل الذي يظهرها لا يتشابه فيها جميع الرجال، وربما كانت في بعض عوارضها الشهرية وما شابهها من عوارض الحمل والولادة أقرب إلى الأنوثة الغالبة أو أقرب إلى الذكورة الغالبة، وهي العوارض التي كانت تحسب فيما مضى كلاماً من كلام المجاز، فأصبحت اليوم حقيقة علمية من حقائق الخلايا وفصلاً مدروساً من فصول علم الأجنة ووظائف الأعضاء
وبعد فالمرأة شخصية إنسانية لا تنحصر في لون واحد ولا يستغرقها الحس في علاقة واحدة
والمرأة صفات متعددة أو أدوار كثيرة تتمثل على مسرح النوع ومسرح المجتمع ومسرح الطبيعة والحياة
والمرأة أنوثة لا تستقر على حال بين الحدة والفتور وبين الظهور والضمور
فأي عجب أن تختلف وتتناقض في لحظة واحدة؟ إنما العجب أن تختلف البواعث والأسباب ولا تختلف الأعمال والآثار
ومع هذا كم يقول النساء عن تناقض الرجال ولا يخطئن المقال؟ كم يقلن إن الرجل (كالبحر المالح) لا يعرف له صفاء من هياج؟ وكم يقلن إن فلاناً كشهر أمشير لا تدري متى تهب فيه الأعاصير؟ وكم تقول إحداهن للأخرى:(حبيبك في ليلك، عقرب في ذيلك؟) وكم لهن من أمثال هذه الأمثال مما لا يحفل به الرجال؟
إنهن لا يعنين بمقاربة الرجل من طريق الفهم كما يعنين بمقاربته من طريق التأثير. ولو حاولن فهمه كما يحاولن التأثير فيه لخرجن به لغزاً من الألغاز وأعجوبة من أعاجيب البحار في قديم الأسفار.