للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العربية نفسها، فتقصير الحكومات في فتح المدارس الوطنية، ولا سيما للبنات، هو الذي ألجأ الأهالي إلى إرسال أبنائهم إلى تلك المدارس الأجنبية، وقدر زاد الطين بلة ترك الحرية لهذه المدارس كاملة في اختيار طرق التدريس ووضع المناهج وتكييف التلاميذ فيها حسب ما تشتهي! ولعل الذي كان يحدث في هذه المدارس في مصر إلى عهد قريب جداً من تدريس جغرافية فرنسا وتاريخها لصغار الأطفال المصريين، وإهمال التاريخ المصري والجغرافية المصرية هو نفسه الذي كان يحدث في مثل تلك المدارس بلبنان وسوريا، بل لعله لا يزال قائماً فيها إلى اليوم!

أما نصيب الأهالي من تلك الجريرة فهو انخداعهم في أمر تلك المدارس وإقبالهم عليها ذلك الإقبال الشديد بدافع من العوامل التي أشرنا إليها. ولعل نصيب العهد التركي من هذه الجريرة، والامتيازات الجنونية التي كان يمنحها في سفه هو أسود الأنصبة الثلاثة جميعاً

٥ - على أننا خليقون ألا نفقد الأمل في علاج هذا الشر وحسمه قبل أن يستشري بالصورة التي استشرى بها في تونس والجزائر، فعلى الحكومات العربية واجب إنشاء المدارس التي تضارع تلك المدارس الأجنبية عظمة بناءٍ وفخامة مظهر، وعليها أن تنشئ المدارس الراقية في كل مدينة وقرية لتعليم الفتاة، وعليها أن تتولى هي أمر تعليم اللغات الأجنبية التي لا غناء عنها لنهضة الشرق، على أن تتفق فيما بينها على ألا يتعلم الطفل أية لغة أجنبية إلا إذا تجاوز العاشرة أو الثانية عشرة من عمره، أي بعد أن يدرس لغته ويثقفها ويمرن لسانه بها، وليستطيع أن يفهم بها شئون الحياة. وإلى أن يتم ذلك فواجب الحكومات العربية الإشراف على التعليم في تلك المدارس الأجنبية، فلا تسمح بتدريس أية مادة بها بغير اللغة العربية لصغار التلاميذ، أي قبل الثانية عشرة، وجواز تدريس مادة واحدة بلغة أجنبية بعد ذلك، بقصد تمكين التلاميذ من تلك اللغة، كما يجب ألا تقل الحصص المقررة للغة العربية عن حصص اللغة الأجنبية. أما واجب الشعوب العربية فهي أكرم من أن تنبه إليه

تلك كلمة مخلصة بريئة في تلك القضية أدعها تحت أنظار ولاة الأمور في البلاد العربية راجياً أن تشترك فيها أقلام كثيرة

دريني خشبة

<<  <  ج:
ص:  >  >>