تحطمت بناني من عظم ما ارتطمت بفمه. أنا أوقفته يا سيدي
ولمس الشاب قبعته وهو يبتسم، مترقباً الجزاء على ما تعرض له من ألم. ولكن السيد حدجه بنظرة قاسية وأدار بصره فيما حوله حيران قلقاً، كما لو كان يراود نفسه على الفرار. ولم يكن من المستبعد أن يحاول ذلك فيكلف القوم مطاردة أخرى، لولا أن قدم الشرطي في هذه اللحظة (وإنه لآخر شخص يظهر عادة في مثل هذه المناسبات) فشق طريقه بين المجتمعين وجذب أوليفر من طوقه وهو يصيح به في جفاء وغلظة: تعال. . . قم. . .!
وأطبق أوليفر راحتيه في توسل، وشرد ببصره فيما حوله وهو يقول:
لست أنا بالحقيقة يا سيدي! الحق؛ الحق أنهما غلامان آخران، وهما هنا من غير شك في مكان ما. . .
فقال رجل الشرطة: آه. . . كلا، ما من أحد هنا. . .
حاول الرجل أن يتهكم بهذا الجواب، ولكنه كان يقرر الحقيقة دون أن يعرف؛ ذلك أن المراوغ ومستر تشارلي باتس كانا قد استدارا عند أول منعطف مرا به وذهبا ناجيين
وكرر الشرطي صيحته: هيا. . . انهض! فقال السيد وقد استشعر الرأفة: لا تحاول إيذاءه
وأجاب الشرطي - وهو يقد سترة الغلام من فوق ظهره ليبرهن على صدق قوله -:
كلا لست أوذيه. أنهض! إني لأعرفك فلا تجوز عليَّ ألاعيبك. أما تنهض على قدميك بعد أيها الحرامي الصغير؟!
وجهد أوليفر في النهوض حتى استوى على قدميه، ثم اقتيد من طوقه خلال الشوارع في خطوات سريعة، وكان السيد يمشي إلى جانب الشرطي؛ أما المتفرجون فلم يغب عن أكثرهم أن يقوم بهذه المناورة البارعة: كانوا يوجفون إلى الأمام في خطوات قليلات سراع، ثم يديرون وجوههم ليحدقوا النظر إلى أوليفر بين حين وحين!
وكان الصبية يتصايحون في نشوة عارمة من الظفر والانتصار وهكذا انطلق الجميع ميممين ديوان الشرطة