للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أم الغرب كالقلب، دامي الجراح ... له طلبة عز أن تُلحقا

لنا الله من صورة في الضمير ... يراها الفتى كلما أطرقا

يرى صورة الجرح طيّ الفؤا ... د مازال ملتهباً محرقاً!

ويخاطب حبيبه ساعة الغروب فيقول:

قد جعلت النسيم زاداً لروحي ... وشربت الظلال والأضواَء

مَرِّ بي عطرها فأسكر نفسي ... وسرى في جوانحي كيف شاَء

نشوة لم تطل، صحا القلب منها ... مثل ما كان أو أشد عناء!

ويناجي حبيبه الهاجر قائلاً:

أيُحرَم حتى وهم حبك من رمي ... بمهجته في ناره دون إحجامِ

وأنفق فيه قلبه وشبابه ... فلم يبق إلا الجرح والشفق الدامي

ومن عجب أحنو على السهم غائراً ... ويسألني قلبي: متى يرجع الرامي؟

وأسرى بوهمه ينشد الآمال فلم يصحب إلا قلبه، فهو يقول:

انفردنا، أنا والقلب عشيِّا ... ننسج الآمال والنجوى سويِّا

فركبنا الوهم، نبغي دارها ... وطوينا الدهر والعالم طيَّا

فبلغناها، وهلَّلنا لها ... ونزلنا الخلد فيناناً نَديِّا

ولقينا الحسن غضِّا والصبا ... وتملِّينا الجلال الأبديا

قال لي القلب: أحقاً ما بلغنا؟ ... كيف نام القدر الساهر عنا؟

أتراها خدعة حاقت بنا؟ ... أتراها ظنِّة مما ظننِّا؟

قلت لا تجزع فكم من منزل ... عَزَّ حتى صار فوق المتمني

أذن الله به بعد النوى ... فثوينا، واسترحنا، وأمنا!

وينتظر حبيبه مرة في ظلام وريح وبرد فيصف هذا ويشرك في الوصف قلبه قائلاً:

ولما لم تفز بلقاك عيني ... لمحتك آتياً بضمير قلبي

فأسمع وقع أقدام دوان ... وأنصت مصغياً لحفيف ثوب

وأخلق مثلما أهوى خيالاً ... وأستدني الأماني والحبيبا

وأبدع مثلما أهوى حديثاً ... لناء صار من قلبي قريبا

<<  <  ج:
ص:  >  >>