أمد يديّ في لهف إليه ... أشاكيه بمحتبس الدموع
فيسبقني إلى لقياه قلبي ... وثوباً. . . ثم يبرد في ضلوعي. . .
ويزكيه حبه ويطهره، ويدنيه من منازل الملائكة:
سموت كأنما أمضي ... إلى رب يُناديني
فلا قلبي من الأرض ... ولا جسدي من الطين!
ويقول وقد نعم بلقاء:
نحن أرواح حيارى افترقت ... ثم عادت فتلاقت في شجاها
سوف ينسى القلب إلا ساعة ... من رضاً في وكرك الحاني قضاها
هتف القلب وقد حدثني ... أي ماض كشفت لي شفتاها
همست في خاطري فاستيقظت ... روحيَ الحيرى وأصغت لنداها
فأنا إن لم أكن توأمها ... فكأني كنت في الغيب أخاها
نحن أرواح حيارى ثملت ... وانتشت سكرى على لحن أساها
ويقول معاتباً على طول الهجر:
لقد أسرفت فيه وجُرْتِ حتى ... على الرمق الذي أبقيتِ فينا
كأن قلوبنا خلقت لأمرٍ ... فمذ أبصرن من نهوى نسينا
شُغلن عن الحياة ونمن عنها ... وبتن بمن نحب موكلينا (!)
فإن ملئت عروق من دماء ... فإنا قد ملأناها حنينا
وتؤلمه الوحدة فيقول:
تلفت القلب مطعوناً لوحدته ... وأين وحدته؟ باتت كما باتا
حتى إذا لم يجد ريّا ولا شبعا ... أفضى إلى الأمل المعطوب فاقتاتا
ومن شعره وهو يافع:
عجباً لقلب هيض منكَ جناحُه ... وجرى به نصل الندامة بذبح
ومضى الحِمام يدب فيه، فإن جرت ... ذكراك طار إليك وهو مجُنَّح
لهفي على الناقوس بين جوانحي ... وعلى بقية هيكل لا تصلح!
وهكذا نسرف هذا الإسراف في عرض تلك النماذج العالية من أشعار ناجي في القلب