للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

علمنا هذا فأضفناه إلى ما تقدم وخلصنا منه إلى أن السيدة عائشة كانت أكبر من سنها المروية يومذاك (لأنها إما أن تكون قد خطبت لجبير بن مطعم بعد أن بلغت سن الخطبة وهي قرابة التاسعة أو العاشرة، وبعيد جداً أن تنعقد الخطبة على هذا التقدير مع افتراق الدين بين الأسرتين، وإما أن تكون وعدت لخطيبها وهي وليدة صغيرة كما يتفق أحياناً بين الأسر المتآلفة، وحينئذ يكون أبو بكر مسلماً عند ذلك، ويستبعد جداً أن يعد بها فتى على دين الجاهلية. . .)

قلنا ذلك لم يخف علينا حين قلناه إن الزواج قد جمع بين المسلمات والمشركين في أوائل عهد الدعوة المحمدية

ولكننا كنا نعلم مع هذا أنه الاستثناء وليس بالقاعدة الشائعة المحمودة، وأنه حصل في أحوال خاصة لا يقاس عليها. وسرعان ما تبدل الموقف فيها حين تبدلت تلك الأحوال. فزينب بنت النبي عليه السلام قد تزوجت ابن خالتها وكانت أول من تزوج من بناته؛ ولعلها تزوجت قبل الدعوة قياساً على الخلاف المتقدم في الأعمار والتواريخ، وما هو إلا أن تيسر للنبي أن يفرق بينها وبين زوجها حتى بادر إلى التفرقة بينهما بعد جهد جهيد

والظاهر الواضح من المناسبة التي نزلت في صددها آيات التحريم القاطع لنكاح المشركين والمشركات أن هذا الزواج كان بغيضاً إلى نفوس المسلمين ولما تنزل بعد هذه الآيات. فقد جاء في رواية أنها نزلت في أبي مرثد الغنوي وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ليخرج منها ناساً من المسلمين سراً. فسمعت به امرأة مشركة يقال لها عناق كانت خليلته في الجاهلية، فأتته فقالت: ألا نخلو؟ فقال: ويحك يا عناق! إن الإسلام حال بيني وبين ذلك؟ فقالت له: هل لك أن تتزوج بي؟ قال: نعم. ولكن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم استأمره فلما قضى حاجته بمكة وأنصرف إلى رسوا الله أعلمه بما كان من أمره ومن أمر عناق وسأله: أيحل لي أن أتزوجها؟ فنزلت هذه الآية)

وورد في قول آخر أنها نزلت لأن عبد الله بن رواحة تزوج أمةَ له وفضلها على المشركات ذوات ألاحساب، فلغط بزواجه من الأمة بعض أصحابه فنزل القرآن ينصفه من لائميه (. . . ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم)

وظاهر واضح من كلتا المناسبتين أن زواج المسلم بالمشركة كان موضع تردد وتساؤل قبل

<<  <  ج:
ص:  >  >>