للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نزول الآيات فضلاً عن زواج المسلمة بالمشرك، وفضلاً عن السعي إلى زواج المسلمة بالمشرك قبل بلوغ السن بسنوات كأنه غنيمة يخشى أن تفوت!

ومع هذا لو كانت خطبة جبير بن مطعم قد تمت بعد ظهور الدعوة المحمدية فما الذي جد حتى عادت أمه تخاف من دين أبي بكر على دين ولدها؟ ألم يكن أبو بكر مسلماً وكان الخوف على الخطيب أولى وأحرى وهو طفل صغير؟ أليس هذا وحده كافياً لترجيح الخطبة قبل الدعوة كما قلنا في كتاب (الصديقة بيت الصديق). . .؟

لذلك كله رجحنا أن السيدة عائشة تجازوت الثانية عشرة ولم تنقص عنها يوم زفت إلى النبي عليه السلام

وكان في وسعنا أن نقف عند الأرقام المترددة ونريح أنفسنا فلا نفند شيئاً من المزاعم التي بناها بعض المبشرين والمستشرقين على تقدير السن عند الزواج بالتاسعة أو ما دونها، وقد كان لها من الأثر في عقول أبناء هذا الجيل ما يعلمه كل ذكي لبيب

كان ذلك في وسعنا ولا جهد فيه علينا، ولكننا وصلنا بالقرائن المعقولة والمقابلة السائغة إلى تصحيح السن على وجه لا يأذن لأحد بالتمحل والانتقاد، ولم نتوسل إلى ذلك بإنكار آية أو حديث أو أصل من أصول الدين، ولكننا تناولنا السنوات والتواريخ بالشك الذي تستحقه، وهي تتسع في أشيع الروايات لفرق السنة والسنتين والعشر والثلاثين. . . فماذا في هذا كله من دواعي التهويل والصريخ؟ وما سر الاستماتة في تخطئة هذا التصحيح والإصرار على أن السيدة عائشة تزوجت في السابعة أو التاسعة ولم تتجاوزها، مع أن النص المكتوب - ولا نذكر القياس والاستنتاج - قد زادها إلى عشر سنين؟

أما دواعينا نحن فهي تلك الأسباب وتلك القرائن وكلها مما يوافق التنزيه الواجب لمقام الرسول

وأما دواعي المنكرين التي دعتهم إلى تسجيل تلك السن دون غيرها فعليهم هم أن يبينوها وينظروا أينا أقرب إلى البر بالإسلام، وأحرص على تعظيم نبيه عليه السلام.

عباس محمود العقاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>