رفرف القلب بجنبي كالذبيح ... وأنا أهتف: يا قلب اتئد!
رفرف القلب! كلمتان جميلتان تصوران القلب في صورة الطائر الذي يحرك جناحيه حول الشيء كما يقول القاموس. . . ورب قائل يعترض بأن هذه صورة قديمة مأخوذة من قول من قال مثلاً: كما انتفض للعصفور بلله القطر. . . وهو اعتراض لا يكاد يقف على قدميه، فرفرفة القلب رمز جميل وتلميح، وانتفاض العصفور بلله القطر إفاضة وتصريح، ولكل من الصورتين بعد ذلك بهاؤها وروعتها، فإذا أخذنا الصورة الثانية التي يرفرف القلب فيها بجنب الشاعر كالذبيح، رأينا لوحة شاملة فيها كثير من التفاصيل الغنية. . . ثم تتغير هذه اللوحة حينما نقرأ البيت كاملاً. . . لأننا نرى الشاعر، أو روح الشاعر، تقف في جانب من الصورة الرائعة وهي تخاطب القلب هذا الخطاب الرقيق، وتهتف به مشفقة عاتبة؛ يا قلب اتئد! فرفرف القلب صورة، ورفرف القلب كالذبيح صورة ثانية، والبيت كله صورة ثالثة. . . وهنا قوة ناجي المصور الفنان الذي يجيد مزج ألوانه. . .
وانظر إلى الصور الكثيرة المتتالية في المقطوعة التالية:
هل رأى الحب سكارى مثلنا؟ ... كم بنينا من خيال حولنا!
فيا للفرحة التي تثب في هذا الطريق المقمر قبل المحبين؟ ويا لهذه الأنجم التي يتطلع إليها المحبون فترثي لهم وتترفق بهم فتتهاوى وتصبح لهم! ويا للمحبين حين يسعدون فيضحكون ويعدون. . . ويسبقون ظلالهم! أما كيف يسبق الإنسان ظله فصورة روحية قد لا يفهمها إلا من صحب دانتي الليجييري في مطهره، وفرجيل يقوده وسط أشباح وأرواح!
ويودع حبيبه فيقول:
حان حرماني فدعني يا حبيبي ... هذه الجنة ليست من نصيبي