للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دمنة حبه وثب إليهما الدمع. . . وغاما!. . . وانظر إلى الليل كيف ينيخ في هذا الطلل ويجثم، وكيف تجرى أشباحه في عرصاته وتهوم! وانظر إلى البلى كيف تنسج يداه العنكبوت في هذا الرسم الدارس، والمحب الباكي واقف يسمع إلى أقدام الزمن تدب في أركان هذا المكان الذي كان نادي حبه وجنة قلبه، وإلى خطى الوحدة الموحشة نازلة صاعدة فوق الدرج. . .

وإليك هذه الصورة من منظومة في حبيبه المريض الذاوي:

ذهب الصبا الغالي، وزالت دوحة ... مدت لنا ظل الوفاء ظليلا

أيام يخذلني أمامك منطقي ... فإذا سكت، فكل شيء قيلا!

ويثور بي حبي فإن لفظ جرى ... بفمي، تعثر بالشفاه خجولا!

فهذه صورة عادية رددها الشعراء في شعرهم طويلا، إلا أن موضع السحر فيها كامن في عجز البيت الثاني: فإذا سكت فكل شيء قيلا! كما يكمن الكثير من هذا السحر في ذاك اللفظ الذي إن جرى بفم المحب تعثر بالشفاه خجولاً!

ومن تصوير ناجي بالوهم الذي رأينا منه صورة قوية في وقوفه بطلل حبيبه، الصورة التالية:

يا طالما أَدْنتك أوها ... م كواذب كالحلم

فلمحت صبحك في السوا ... د وخلت روحك في النَّسَمْ

وشفيت وهمي من رضا ... ك ورُبَّ ذي بأس وهَمْ

ورويت أذني من حديثك وهو معبود النَّغم

وحرقت قلبي من سنا ... ك على جمال يضطرمْ

كفراشةٍ حامت ... عليك وأي قلب لم يحم!

لك حُسْنُ نوار ... الخميلة طُلّ صبحاً فابتسم

لك نضرة الفجر ... الجميل على الذوائب والقمم

لك طلعة البرء ... المرجيّ بعد مستعصي السقم

وسؤال دمعك حين يس ... ألني، ومن لي بالكلم

لم يا أنيس خواطري ... غفتِ العيون ونحن لمْ!؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>