ويستطيع القارئ أن يعد صوراً شتى في هذه الأبيات التسعة وهاك صورتين عجيبتين صور بهما ناجي حبيبته: أما الأولى فهذه:
وأنت مثل النجم في المنتأى ... وفي السنا الخاطف كألماسِ
يرنو له الناس ويبغونه ... وما يبالي النجم بالناس
وهي صورة مركبة في البيت الأول، أما الثانية فهي:
وأنت كأس الحسن لكننا ... مثل حباب حام بالكأس
طفا وقد قبَّل أنوارها ... ورف مثل الطائر الحاسي
وجف أو ذاب على نورها ... كما يذوب الطلَ بالآس
وهذه صورة مركبة أيضاً، لأنها تتألف من صور خلابة شتى، تذكرنا بصور ابن المعتز وذي الرمة والبحتري. . . ولست أبالي أن أذكر أن صور ناجي هذه تفوق صور هؤلاء بالرقة واللمس الدقيق!
وانظر كيف يحيي لنا ناجي سنة الأولين في الوقوف بالأطلال:
آها مما صنع الدهر بنا ... أو هذا الطلل العابس أنتِ!؟
والخيال المطرق الرأس أنا؟! ... شد ما بتنا على الضنك وبتِّ!
أين ناديك وأين السمَرُ! ... أين أهلوكِ بِساطاً وندامى؟
كلما أرسلت عيني تنظر ... وثب الدمع إلى عيني وغاما!
موطن الحسن ثوى فيه السأمْ ... وسرت أنفاسه في جوِّهِ
وأناخ الليل فيه وجثم ... وجرت أشباحه في بهوه
ولا بأس من نقل الصور التالية من تلك المنظومة الخالدة من شعر ناجي:
والبلى! أبصرته رأى العيانْ ... ويداه نتسجان العنكبوت
صِحت: يا ويحك تبدو في مكانْ ... كل شيء فيه حي لا يموت؟
كل شيء من سرور وحَزَنْ ... والليالي من بهيج وشِجى
وأنا أسمع أقدام الزمن ... وخُطى الوحدة فوق الدرج
فمن من الشعراء القدامى أو الشعراء المحدثين وقف على طلل حبه فبكاه هذا البكاء واستطاع أن يصوره هذا التصوير؟ أنظر إلى هذا الخيال المطرق كلما أرسل عينيه في