الخلاص من الإفراد بالخطأ، فالمراوحة عمل فاعل واحد والترواح عمل فاعلين أو أكثر منهما. فالاختلاف واحد لا يتراوح وحده، وكذلك لا يقال هذا الشيء لا يتساوى ولا يتماثل ولا يتشابه) إلى آخر هذا اللغط العجيب
وجوابنا على (لا يقال) هذه بسيط جداً، وهو بل يقال ويقال ويقال، ولا يقال غيره في هذا المعنى، وإليه المثال
فيقال مثلاً:(لا يتساوى القمر في ليلتين وقد تتساوى الشمس في برجين)
ويقال مثلاً:(لا يتشابه الرجل في عمرين، وقد يتشابه العمر في رجلين)
ويقال على هذا المثال:(لا يتماثل المرض في الإنسان والحيوان، وقد يتماثل في الإنسان)
ويقال أيضاً:(لا يتراوح الاختلاف بين عصرين، ولكنه قد يتراوح بين يومين أو سنتين)
ويقال تقاضيا وتقاضاه، وتجاوبا وتجاوب الصدى أو تجاوب المكان بالأصوات، وتراميا وترامى السحاب، وتدانيا وتدانى منه، وغير ذلك كثير مما فيه قصد المفاعلة وليس فيه قصد التعاقب والترقي
وليعلم ذلك الخازن الواهم بعد هذا أن الاختلاف مفرد ولكنه يدل على جميع المختلفين، فإذا قلنا تراوح الاختلاف فهو القياس كما يقول تراوح المختلفون وتقاتل الناس وتباينت الأمم وتعانق الأصحاب، ولا نهاية لما يقال من هذا القبيل
أفيقال هذا إذن أو لا يقال يأيها الجواد، بلغة العامة لا بلغة الضاد؟ يقال ويقال، وإن استطعت فقل خيراً منه في معناه، وما أنت بمستطيع.