أبو العلاء - يقولون إن وضع الجسمين في مكان واحد أبعد الإحالات و (ثالثاً) حرصنا بأن المعري يكتب بأسلوب الأغراب والتبسط حين يتحدث إلى الفقهاء. أي إنه يعني غير ما يقول، وأن رأيه الصحيح غير رأيه في هذه الرسالة بعينها.
ومذهبنا نحن بعد أن (إمكان ما لا يمكن) شئ لا يقبله عقل الإنسان
ولكن الإنسان قد يحكم باستحالة أمر وهو مخطئ في حكمه لبطلان الأسباب التي يبني عليها الاستحالة
ومثال ذلك من كان يؤمن بأن الأرض مسطحة تحدها آفاق السماء، فإنك لو قلت له: هل يمكن أن يذهب الإنسان غرباً ويعود شرقاً لقال لك على اليقين إنه مستحيل وليس في الإمكان
ولكنه مخطئ في فهم الاستحالة، لأن الأرض ليست مسطحة محدودة بآفاق مطبقة عليها. بل هي كرة مستديرة تذهب إلى مغربها فتعود من مشرقها، كما يحدث هذا كل آونة في هذه الأيام
وكذلك وضع الجسمين في مكان. فإن استحالته قائمة على أن الفضاء ثلاثة أبعاد، فإذا ثبت أن الفضاء أربعة أبعاد أو خمسة أو ستة تحيط بالأجسام من غير جوانبها المحسوسة، أو إذا ثبت قول أينشتين إن الزمان بعدٌ رابع يحيط بالأجسام في التقاءات كثيرة، فهنالك يتغير النظر إلى استحالة وضع الجسمين في مكان واحد، ويصح أن (يكون فيها قولان) على لسان الجادين لا على لسان الهازلين في فض المشكلات!
وللنحو نصيبه كذلك مع نصيب علم الكلام أو علم الاجتماع وفلسفة الآداب والفنون
فقد ظهر من العراق خازن آخر من أولئك الخزنة الواهمين الذين يحسبون أنهم قابضون على مفاتيح اللغة جميعاً ليفتحوا ويغلقوا ويصرفوا ويمنعوا ويقولوا بما يجوز وما لا يجوز وما يقال وما لا يقال، وليس لهم من محصول اللغة ما ينغلق عليه قفل واحد!
فهذا الخازن الواهم يقول في خلط كثير (إن المقابلة بين الكفتين) لا يجوز، ومثل هذا لا يرد عليه. وكفى
ويقول وهو يرد علينا: (احتج أولاً بالمراوحة أو الروح لا من الرواح ثم وثب إلى التراوح. وفي كليهما كان مسقطاً في القول واهماً، وهذه عاقبة من يخطئ الصواب ويريد