وتقرير هذه الحقيقة مهم فيما نرى لمصلحة الدعوة التي يدعو إليها الأستاذ أحمد أمين. إذ نحن خلقاء أن نعرف الآن هل نحن محتاجون إلى مطالبة الدولة برعاية حق الفرد أو محتاجون إلى مطالبة الفرد بحق الدولة؟ وهل التقصير الآن آت من الفرد في رعاية الحقوق القومية أو من الأمم في رعاية الحقوق الفردية؟
ويبدو لنا أن الأستاذ أحمد أمين يطالب الأمم برعاية حقوق الأفراد، فهو إذن أقرب إلينا أو نحن إذن متقاربون
وسبيلنا إذن أن نعظم إحساس الفرد بحريته وحقوقه وديونه على المجتمع حين يطالب بديونه عليه
ولا خسارة في هذا على الأمم ولا على الأفراد
ولعلم الكلام نصيبه في مناقشاتنا اليوم مع نصيب علم الاجتماع أو فلسفة الآداب والفنون
فقد كتب إلينا الأديب الدمياطي الأستاذ طاهر أبو فاشا يعقب على ما نقلناه عن المعري في بعض فصولنا الحديثة إذ نقول:(ونستبعد التخيل الذي ينتظر المذياع ورسائل البرق وركائب الهواء ونكاد نجزم أن أبا العلاء لم يذكر السماع من بعيد والانتقال في لمح البصر وسريان النار مئات الفراسخ إلا ليقول إنها مستحيل من المستحيلات الكثيرة التي تتعلق بها قدرة الله كما يتعلق بها وضع الجسمين في مكان واحد، وهو أبعد الإحالات في أقوال الفلاسفة ومنهم أبو العلاء الذي لا يخلو أسلوبه من الأغراب والتبسط حين يتحدث إلى غير الفلاسفة من الفقهاء)
وقرأنا في مجلة (دمياط) تعقيباً يشبه تعقيب الأديب الدمياطي جاء فيه: (إن قدرة الله يستحيل أن تتعلق بالمستحيل - إلا العادي طبعاً - لأنها إن تعلقت به فإما أن تتعلق به لتوجده أو لتعدمه. فإن كان الأول فهو يستحيل لأنه لو وجد المستحيل لما كان مستحيلاً، ولا نقلب واجباً أو جائزاً كما يقول إخواننا علماء الكلام، وإن كان الثاني فهو مستحيل أيضاً لأنه معدوم بنفسه ولزم تحصيل الحاصل كما يقول المتكلمون)
وتعقيبنا على هذا التعقيب أن مراجعة كلامنا مرة أخرى تغني عنه، لأننا (أولاً) لم نكن نتكلم عن رأينا بل عن رأي العرب في رسالة بعينها و (ثانياً) لم ننس أن الفلاسفة - ومنهم