للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهل خلق الله شيئاً أوقع بالقلوب. . . من الصوت الحسن. . . وهل على الأرض رعديد مستطار الفؤاد يغني بقول جرير:

قل للجبان إذا تأخر سرجه ... هل أنت من شرك المنية ناج؟!

إلا ثاب إليه روحه، وقوى قلبه؟ أم هل على الأرض بخيل قد تقفعت أطرافه لؤماً ثم غنى بقول حاتم الطائي:

يرى البخيل سبيل المال واحدة ... إن الجواد يرى في ماله سبلا

إلا انبسطت أنامله، ورشحت أطرافه؟ أم هل على الأرض غريب نازح الدار بعيد المحل يغني بشعر علي بن الجهم:

يا وحشتا للغريب في البلد النازح ماذا ... بنفسه صنعا

فارق أحبابه فما انتفعوا ... بالعيش من بعده ولا انتفعا

إلا انقطعت كبده حنيناً إلى وطنه؟. . .)

وناقشت صاحب (العقد) في التحليل والتحريم فقال لي: عِ هذا الخبر:

(قال إبراهيم بن سعد الزهري قال لي الرشيد: من بالمدينة ممن يحرم الغناء.

قلت: من أمتعه الله بخزيته!

قال: بلغني أن مالك بن أنس يحرمه

قلت: يا أمير المؤمنين، أو لمالك أن يحرم ويحلل؟ والله ما كان ذلك لابن عمك محمد (صلى الله عليه وسلم) إلا بوحي من ربه، فمن جعل هذا لمالك؟ ولو سمعت مالكاً يحرمه ويدي تناله لأحسنت أدبه. . .)

وجيت إلى ابن خلدون وفاتحته بما قصدته لأجله، فمما أملاه على:

(إن النفس عند سماع النغم والأصوات يدركها الفرح والطرب بلا شك فيصيب مزاج الروح نشوة يستسهل معها الصعب. . . ويزيد ذلك تأثيراً إذا كانت الأصوات متناسبة. . . لأجل ذلك تتخذ العجم في مواطن حروبهم الآلات الموسيقية فيحدق المغنون بالسلطان في موكبه بآلاتهم ويغنون فيحركون نفوس الشجعان بضربهم إلى الاستماتة)

وقلت في نفسي: (الحكمة ضالة المؤمن) فغدوت إلى أصحاب (رسائل إخوان الصفاء) واسترأيتهم - طلبت رأيهم - في الغناء، فمن جواباتهم:

<<  <  ج:
ص:  >  >>