طرفيها آثر أن ينتهي؟ وأي قدر من التوفيق أصاب في تقسيم فصولها، وتوزيع المناظر على تلك الفصول، وبعث الحياة والحركة في مناظرها بتعدد مشاهدها المختلفة؟ وماذا من رواية أبي الفرج آثر أن يثبت، وأن يحذف؟ وهل وفق كل التوفيق في كل ما أثبت وكل ما حذف؟ وماذا ابتدع من المناظر الجديدة التي ليست من صلب الرواية الأصبهانية؟ ولغة التمثيلية وفرق ما بينها وبين لغة قيس ومن إلى قيس من عرب الحجاز قبل ثلاثة عشر قرناً. . .
كل هذه أسئلة ينبغي أن تجد أجوبتها في المقارنة بين قصتي مؤلف الأغاني والشاعر المصري؛ ونعجل فنقول إنها أجوبة سترفع رأس الأدب العربي الحديث، وستفتح أعين الشعراء العرب عامة، والشعراء المصريين بوجه خاص، على كنز من الكنوز التي نفتقدها في آدابنا، والتي لن يعمر ديوان من دواويننا إلا إذا شمل شيئاً منها أو مما يشبهها من الشعر القصصي الطويل. هذا كلام لن نفتأ نردده، وسوف نردده ما ترددت أنفاسنا
ألف الشاعر درامته فجعلها في خمسة فصول:
١ - فالفصل الأول يتألف من ستة مشاهد، ويتضمن وفود ابن أبي عتيق من قبل الحسين بن علي الحباب، أبي لبنى، ومعه قيس وذريح، لخطبة لبنى، فتتم الخطبة ويزول ما بين الحيين من البغضاء التي سببتها أشعار قيس في التشبيب بلبنى
٢ - ويتألف الفصل الثاني من خمسة مشاهد، ويبدأ بعد زواج قيس من لبنى بخمس سنوات، ويكون قيس مريضاً أو متماثلاً للشفاء، ويتضمن مخاصمة ذريح وزوجه لقيس ولبنى، وطلب ذريح تطليق لبنى أو ضم زوجة ثانية إليها أو تسرى قيس ببعض الإماء. . . وتكون حجة ذريح وزوجه انصراف ولدهما عنهما بسبب لبنى، ثم يصرح الرجل بالحقيقة وهي عقم لبنى. ويرفض قيس جميع ما عرض عليه وينتهي الفصل بذلك. . . دون أن سلم علام استقر الرأي:
٣ - أما الفصل الثالث فيتألف من منظرين، أولهما قصير ويتألف من مشهد واحد، ونسمع فيه إلى راع يتغنى ببعض شعر لقيس، ثم نرى قيساً يناجي نفسه، ثم يناجي المغنى، ونعلم أنه طلق لبنى، وأنه لا يلوم إلا نفسه لما أصابه بسبب ذلك من وجد وحزن ولوعة
ويتألف المنظر الثاني من ثلاثة مشاهد، ويتضمن منظر ارتحال لبنى بعد قضاء عدتها في