يقدمه إلى قراء الرسالة تقديماً موجزاً بليغاً أستاذنا وصديقنا توحيد بك السلحدار الذي كان له الفضل في إذاعة بعض نسخ منه بين أصدقائه الذين يحبهم ويحبونه ويجب أن يناقشهم كثيراً في مسائل تتعلق باليقظة القومية والنهضة الحقيقية لبلادنا
وليست (الرسالة) بباخلة على مثل هذا الكتاب أن يطول الكلام فيه، فإننا نعرف من أهداف صاحبها النبيلة؛ واضطلاعه بحمل رسالة الفكر الصحيح في الوطن العربي ما يطمعنا في إطالة الكلام، فإن قيمة مثل هذا الكتاب (التوجيهي) لا تعرف ما دام مطموراً في رفوف المكاتب، أو منحى في زوايا الخزائن؛ وإنما تظهر قيمته ويعرف قدره متى ما نبه إليه منبه أو ذكر به مذكر. والذكرى تنفع المؤمنين
يشترط الدكتور زريق لاستكمال النهضة القومية العربية ثلاث خطى رئيسية: الأولى: بناء الأساس الفكري الذي تقوم عليه النهضة بدراسة الغايات والوسائل دراسة بعيدة عن الارتجال
والثانية: تحويل هذه الدراسة المنظمة إلى عقيدة قومية تتجه بالأفراد إلى الأهداف الصحيحة
والثالثة: تنظيم: الأمة العربية وضبط نوازعها وإخضاع إرادتها لإرادة وحيدة منبعثة من عقيدة واحدة، وتعنى هذه الخطوة العمل المنظم الصادر عن فكر منظم يدرب عليه الرجال والنساء على السواء
والدكتور زريق حين يدعونا إلى البحث في غايات نهضتنا لا يحرم علينا دراسة نهضات الأمم الأخرى ودرس غاياتها؛ فإن مثل هذه الدراسات تكون كالقبس على شرط أن نكيفها لحياتنا الخاصة
والعربي الواعي قومياً هو الذي يعرف من أي المنابع يفيض هذا الوعي، وإلى أي الأهداف يتجه. أما التشدق بألفاظ اللغة والجنس وجلال التاريخ القديم من غير فهم حقيقي لمعانيها فذلك نوع من الشعور الذي لم يرتفع إلى قمة الفكر؛ ولم يكتسب مع الفكر نعمة الحياة
والعربي الواعي يحس إحساس فهم وإدراك بعوامل الضعف في الشخصية العربية الحاضرة ويواجه مشكلاتها مواجهة واقعية صريحة لا عوج فيها ولا التواء