ومنذ مدة شاعت في مصر والشرق العربي بدعة ببغاوية من تلك البدع التي لا يدري قائلها نفسه ماذا يفهم منها وماذا عسى أن ترمي إليه
فقالوا إن العصر عصر مخترعات وحروب فلا موضع فيه للشعر والغزل ولا لتواريخ الشعراء والغزلين!
وتشاء المصادفات أن يلغط اللاغطون بهذه البدعة ومطابع الغرب تلقى بين حين وحين بالدواوين الجديدة والنخب الكثيرة من أشعار القدماء والمحدثين!
هذا وهم أصحاب المخترعات وأول المصابين أو المصيبين بحروب الطيارات والدبابات
بل تشاء المصادفات أن نرى العشرات من هذه الكتب في مكتباتنا الشرقية، وأن يتصدى المجندون في الجيوش الأوربية بيننا لطبع النشرات الدورية، فإذا هي حافلة بالحديث عن الشعر والأدب والجد والفكاهة، وإذا هي خالية أو تكاد تخلو من تلك الموضوعات التي يخيل إلى أصحاب البدع الببغاوية أنها دون غيرها موضوعات الكتابة في عصور الحروب والمخترعات
ولكن المصادفات قد شاءت في هذه الأيام مشيئة لم تكن تخطر لببغاء من تلك الببغاوات المسكينة على بال
ففي بريد الشهر الماضي وصل إلينا من لندن كتاب يقول كثيراً بلسان المقال ويقول أكثر من ذلك جداً بلسان الحال.
أي كتاب؟ كتاب مختارات شعرية سماء صاحبه (أزهار أناس آخرين) '
ومن صاحبه يا ترى؟
لتتعب الببغاوات أدمغتها إن كانت لها أدمغة تتعب فما هي بقادرة على تخمينه ولا المقاربة منه
ولكننا نعفيها ونعفي غيرها من جهد التخمين فنقول لهم: إن صاحب هذه المختارات هو المارشال ويفل حاكم الهند العام وقائد الميادين الذي عرفه المصريون وأبناء الأمم العربية في الشرق الأدنى
أي والله هو القائد الكبير بعينه! هو الرجل الذي لا يصنع شيء في ميدان من ميادين