للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الحرب إلا سئل عنه وسمع له رأي فيه، هو الرجل الذي يحرك من الدبابات والطيارات والمدافع أضعاف ما تراه تلك الببغاوات رأي العين من بعيد

تكبره وقعة (النبيوة) في أعين الناس

وتكبره فوق ذلك هذه المختارات التي يرتضيها الأديب الناقد ولا عمل له غير القراءة والكتابة والاختيار

لأن نبوغ القائد في فنه عمل عظيم، ولكنه غير عجيب

أما العظيم والعجيب حقاً فهو نبوغه في الذوق الأدبي ومساهمته فيه بالنصيب الراجح واتساع وقته له في أحرج الأحوال

وذلك هو النبوغ الذي لا تفهمه الببغاوات ولا يفهمه أصحاب البدع ممن لا يصلحون للعمل ولا للكتابة ولا للقراءة، ولكنهم يجلسون في مقاعد المعلمين ليقسموا الأعمال بين الكتاب والقراء والساسة والقواد، وكل من خلق الله وما خلق الله في ملكوت الله!

بين قصائد الكتاب نماذج يقرأها الجندي، ونماذج أخرى يقرأها محب الطبيعة ومحب الأسفار، ونماذج يقرأها العاشق ويقرأها الفتى والعذراء، ومنها في الكتاب مئات تمتلئ بها صفحاته التي تربى على الأربعمائة، وواحدة منها تكفي لسؤال الببغاوات عن مكانها من زمان الطيارات والدبابات، وهي قصيدة توسون عن رسالة الفتاة المحتضرة إلى حبيبها حيث يقول:

(ماذا أقول لحبيب فؤادك الصدوق أيتها الفتاة التي تودع هذه الغبراء؟

(ماذا أقول للحبيب يوم تنضين عنك كساء الحياة؟)

(قولي له: في هذا الجانب من وراء القبر نحن العذارى لا ندري كيف تكون الحياة مرة التناول، ثم تكون بعد ذلك مرة الفراق)

ماذا أقول لحبيب فؤادك الصدوق حين أراه؟

ماذا أقول له وقد أطبقت عينيك على الظلام؟

قولي له حين تفارقين سرير العذراء الذاوية: إنها الآن تراك بنور الضمير وقد عميت العينان

ماذا أقول لحبيب فؤادك الصدوق وأنت تضعفين عن نزر الكلام؟ ماذا أقول له أيتها المقبلة

<<  <  ج:
ص:  >  >>