قولي له وأنا أجاهد الشفتين بختام كل كلام: إن التي أحبتك أمس بكل ما فيها من حياة تحبك اليوم بكل ما فيها من موت!)
هذا نموذج من نماذج مختلفات في الكتاب، لا حاجة بنا أن نسأل عصر الطائرات والغارات الجوية عنها أو نلتمس لها جواز الدخول فيه، لأن الرجل الذي اختارها له على الأقل حقوق في الطيارات توازن أضعاف الحقوق التي تدعيها الببغاوات الآدمية، لاسيما وهي بحمد الله ببغاوات لا تطير!
وقد جاءنا في البريد نفسه كتاب دوري يسمى (أوربا) يعني بنشر الأنباء الثقافية والاجتماعية عن القارة الأوربية في إبان الحرب الحاضرة، فإذا في صفحاته المختارة صفحة عنوانها (قارة من الشعراء)، ومطلعها يغنى عن سائرها، حيث يقول مقدمها في بضعة سطور:
(إحدى الظواهر البارزة - والمعزية - في هذه الظلمة الدموية أنها حفزت القرائح من كل طراز إلى معالجة القريض. . . وهذه صحف الجيوش المتحالفة تزدحم بشعر الهواة كما تنتشر الصحف السرية في القارة بين الأمم المقهورة، وفيها قصائد لا تحصى يترنم فيها أصحابها بما طلب لهم من نغمات التحدي والصبر على البلاء)
هذه الحقائق التي نلفت إليها الأنظار من حين إلى حين هي أنفع الحقائق الأدبية لقراء العربية في هذه الآونة
لأننا قد برمنا بعصر الجمود ورجونا أن تسرع الخطى في عصر الطلاقة والتجديد
وما هو الجمود في لبابه؟
هو ضيق الأفق أو هو حصر الحياة في نطق محدود
وهذا الجمود بعينه هو الذي يتخبط فيه ببغاوات البدع، وهم يحسبون أنهم مجدون وأنهم يخرجون بالشرق المسكين إلى زمان غير زمان الجمود
هذا الضيق الوبيل هو الذي يستقرون فيه أو يرجعون إليه حين يقولون ويعيدون: نحن في عصر العلم فدعونا من الأدب! نحن في عصر النار والحديد فدعونا من الفن والجمال! نحن في عصر الطيارات فدعونا من القصائد والشعراء! نحن في عصر الحقيقة فدعونا من