للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بتنا تضئ ظلام الليل نشوتنا ... وتستثير شجون الليل نجوانا

قالت وقلت، فلم تفرغ مقالتنا ... إلى الصباح ولم تفرغ شكاوانا

واسمع إلى قيس يكمل هذا اللحن:

وحولنا الليل يطوى في غلائله ... وتحت أعطافه نشوى ونشوانا

فتتم لبنى اللحن قائلة:

نكاد من بهجة اللقيا ونشوتها ... نرى الربى أيكةً والرمل بستانا

ونحسب الكون عش اثنين يجمعنا ... والماء صهباء، والأنسام ألحانا

ونحسب العمر فيضاً من صبا وهوى ... والغيب ملآن بالإشراق ريانا

فيشدو قيس:

لم نعتنق والهوى يفرى جوانحنا ... وكم تعانق روحانا وقلبانا

نغضي حياء، ونغضي عفة وتقي ... إن الحياء سياج الحب مذ كانا

ثم انثنينا وما زال الغليل لظى ... والوجد محتدماً والشوق ظمآنا

وتختم اللحن لبنى وهي قائلة:

ففي سبيل الهوى ما ذاب من مُهَج ... وانهلِّ من مقل زلفى وقربانا

خضنا اللياليَ نشكوها وننكرها ... حتى التقينا، فقد لذت لنا الآنا

حتى التقينا فقد لذت لنا الآنا! لله ما أوجع تلك الذكرى! اسمع إذن إلى بقية اللحن يرسل فيه الشاعر الجليل روحه دموعه:

يا ليلة شبْت الذكرى بعودتها ... في دورة العام ماذا هجت لي الآنا؟

قد كنت فيما مضى أنساً نطيب به ... نفساً، فأمسيت أوصاباً وأشجانا

أضنيت أسوان ما ترقى مدامعه ... وهجت فوق حشايا السهد حيرانا

يبيت يودع سمع الليل عاطفة ... ضاق النهار بها ستراً وكتمانا

ويرسل الشجو في سر الدجى حُرقاً ... لو الدجى قُدَّ صخر إذن لانا!

إلى آخر هذه الأنات الحائرة بين الديوان الوفي الخالد، وبين المسرحية الوفية الخالدة

لقد كنت أقف عند كل شعر يقوله قيس، فأحس فيه قلباً يحترق وروحاً تتململ من الوجد، في ديباجة قوية، ونفس مرسلة، لا تتفق كثيراً لمن ينظمون شعراً لا تصله بقلوبهم صلة

<<  <  ج:
ص:  >  >>