الأمم التي تشترك في هذه المجموعات، ونزولاً عن بعض خصوصياتها وحرياتها وحقوقها التي كانت لها وهي فريدة، كما استتبعت حياة الجماعة في الأمة الواحدة نزول الأفراد عن كثير من حقوقهم وحرياتهم التي كانت لهم قبل حياة الجماعة. فالقانون واحد مطرد: وهو السير من فردية الأسر إلى اجتماعية القبيلة ثم إلى الأمة ثم إلى الإمبراطوريات واتحاد الولايات. ومن هذه إلى جمعية الأمم التي هي أمل العالم
وليس ذلك في السياسة وحدها، فإن ما في السياسة ينتقل إلى الثقافة والفن الذي ثار حوله هذا الجدل. فالآثار الفنية الأولى في الأدب العربي مثلاً لم تكن غير مقطوعات شعرية غنائية هاج بها وجدان قائلها في مناسبات الحب والفراق والفخر والحماسة والمدح والرثاء وغيرها من أغراض الشعر الغنائي، وهو لا شك شعر فردي يستجيب للأحاسيس والوجدانات الخاصة. ثم أخذت هذه المقطوعات تطول وتتسع للأغراض الاجتماعية فتذكر فيها الحروب والوقائع والمفاخر العامة للقبيلة حتى انتهت بالمطولات والمعلقات التي اهتم بها غير قبيلة قائلها من العرب. ثم ابتدأ ذكر الأمة العربية كلها يسطع في الشعر العربي حين وضعها الإسلام وضعاً واحداً أمام الأمم الأخرى التي احتكت بها في النضال والفتوح. أفلا يقال بعد ذلك إن الفردية في الفن العربي كانت تقل نسبتها تبعاً لنمو الوعي الاجتماعي بين العرب؟