في طمأنينة وسعادة وعدالة يشعر بها الجميع. ثم يأتي بعد ذلك دور (فلسفتها) التي تحلو للمترفين عقلياً من الفلاسفة والفنانين والأدباء الطلقاء الفارعين
وللمصلح بما له من هذه الوصاية الشاملة أن يقول للفنان: إنك (نشاز) في جوقة أمتك. . . أو هادم لوحدتها، أو خارج على حدود مجتمعها، أو مفسد لمثلها الأعلى، أو مبلبل لخواطرها. وله أن يقترح عليه عملاً بعينه يراه لازماً لكمال الإخراج في حياة أمته، وله أن يقتضيه (الضريبة الأدبية) في مستوى معين ليردها على الفقراء في الإحساس الذاتي بالفن والجمال
إن حياة الاجتماع الإنساني شأن عظيم! بل هي أعظم شؤون الإنسان: فمنها تفجرت ينابيع فكره ولغته وراحته وعلومه وفنونه وصناعاته، ومنها أدرك قوة نفسه بين غمرات القوى العمياء، بل منها أدرك (فرديته) وحريته وحقوقه، ومنها ظهرت تفاعلات نفسه مع جنسه هذا التفاعل الذي أخرج كوامن نفسه وخصائص جنسه. فليس من الحق أن تهدر حقوقها في سبيل حقه ولو كان فناناً. . . وليس من الصحيح أن يقرر أن الإنسان سائر من الاجتماعية إلى الفردية حتى في الفن إلا أن يكون هذا انتكاساً. وليس من الصحيح أن الوعي الاجتماعي في الحيوان هو الذي جعله حيواناً. وأنه بالتالي كلما كثر الإحساس بالجماعة في جماعة ما، كان هذا دليلاً على أنها أدنى إلى الحياة الحيوان. . . كلا! هذه أحكام لا أدري كيف أرسلها الأستاذ الحكيم؟!
فالواقع أن نسبة الغيرية والإيثار والإحساس بالجماعة وبالجنس البشري كله والتضحية بالنفس في سيبلهما - وهي دعائم الاجتماع - تنمو نمواً عظيماً. وليس من هذه الصفات شئ في جماعات الحيوان إلا في حدود الغريزة الضيقة في الأمومة والأبوة في بعض الحيوانات العليا، ولم تنتج حياة الاجتماع في جماعات الحيوان نتائج تزيد على حاجات هذه الغريزة المحدودة. بينما تنتج حياة الاجتماع في الإنسان نتائج كثيرة جداً جعلت أمام العالم الطبيعي عالماً آخر صناعياً، وجعلت الوعي الاجتماعي في الفرد مبنياً على عقل الفرد وفلسفته لا على غريزته وحدها. إن الجماعة البشرية سائرة من الفردية في الأمة إلى الجمعية الدولية، وبوادر هذا واقعة الآن في هذه الحرب. وبذورها وجدت من قبل في المجموعات السياسية الكبرى. ولا شك أن هذا يستتبع كتباً للنوازع الفردية في كل أمة من